الثلاثاء، 1 مارس 2022

مجزرة البريجة في تندوف سنة 1962

                          مجزرة البريجة



جريمة ارتكبها الجيش الجزائري بحق مواطنين صحراويين مغاربة في تندوف

مجزرة البريجة وقعت في شهر أكتوبر سنة 1962 بمنطقة البريجة حي موساني تندوف وهذه المجزرة نفذتها القوات الجزائرية بحق القبائل الصحراوية المغربية  الرافضة للإنضمام للجزائر.

مقدمة بسيطة

تعود مشكلة الحدود المغربية الجزائرية أولاً إلى سياسة التوسع الفرنسية بين عامي 1890 و 1962. رغم أن المغرب خضع للحماية الفرنسية منذ العام 1912، إلا أن هذا لم يحد من طموح التوسع لدى الإدارة الفرنسية في الجزائر، ما أثر على السياسة الفرنسية بالمجمل وهو ما كان في صالح الجزائر.

كان المغرب - حتى في ظل وضعه تحت الحماية - لا يزال من الناحية القانونية دولة ذات سيادة، بينما كانت الجزائر جزءًا لا يتجزأ من فرنسا. 

ونتيجة لذلك، أدى هذا الاستياء في كثير من الأحيان إلى أعمال عسكرية أحادية الجانب تهدف إلى تأمينها وتوسيع حدودها تدريجيا وضمها إلى السلطة الإدارية الفرنسية في الجزائر، في انتهاك للعديد من الاتفاقيات الدولية الملزمة. 

ولا سيما المعاهدات الثنائية التي تحدد جوانب الحدود المغربية وكذلك المعاهدة مدريد في عام 1880 ومعاهدة الجزيرة الخضراء لعام 1906، الذي يضمن فيه المجتمع الدولي الحفاظ على سيادة المغرب وسلامته الإقليمية.

وفي بعض الحالات، كانت بعض المناطق تدار من المغرب حتى عام 1953 

وتندوف هي آخر منطقة مغربية تم اغتصابها بشكل غير قانوني من قبل فرنسا بعد اكتشاف رواسب خام حديدية كبيرة في نفس العام. 

ورغم ذلك، بقيت الروابط الاجتماعية والثقافية والدينية والسياسية وحتى الإدارية بين هذه المناطق والمغرب سليمة (على سبيل المثال، استمر دفع رواتب القوات الاستعمارية في تندوف بالعملة المغربية حتى الستينيات).

 لقد استفاد المغرب أيضًا من الدعم الشعبي الذي تجلى بين سكان هذه المناطق: بشار، والقنادسة وواكدة كلها اختارت الجنسية المغربية وفقًا لبروتوكول عام 1902 الذي منح المناطق الثلاث الحق غير المشروط في الاختيار بين الجنسية المغربية أو الفرنسية وبالمثل، أعلن شعب تندوف مغربيته . 

أسباب المجزرة 

كانت تندوف والشرق الجزائري كله تابع للسيادة المغربية قبل الاحتلال الفرنسي 

وكان القائد حمدي ولد السالك ولد أبا علي الركيبي قائدا بالمنطقة الشرقية تندوف وبشار وأم لعسل وتنفوشاي وواد الساورة منذ عام 1944 ميلادية.

وفي سنة 1958 ميلادية أصبح رئيسا لبلدية تيندوف إلى غاية 1961 

ومع بداية تطبيق اتفاقية افيان انسحبت فرنسا من منطقة تندوف فحاولت الجزائر الدخول للمدينة معتبرة إياها نفوذا ترابيا لها ولكن القبائل الصحراوية المغربية  في تندوف رفضت هذا الاحتلال الجزائري لمنطقتهم .

وكان قد وصل الى تندوف وفد بقيادة بلعيد عبد السلام ممثلا للحكومة الجزايرية والسيد بن الشريف قايد القوات المحلية التي كانت تعرف باسم local force  

كما وصل الجيش الشعبي الوطني تحت قيادة احمد بن جكاني المعروف بالصديق بن الجكاني الذي كانت برتبة ملازم اول و محافظ بالمنطقة الخامسة



وبداءت الاتصالات مع كقبائل لاقناعهم بالدخول تحت السيادة الجزائرية وللتحضير الاستفتاء ونظمت اجتماعات ولقائات لهذا الغرض . 

وكانت السلطات الجزائرية تعدهم بالحصول الامن والاستقرار والرفاهية التي ستوفرها لهم أموال الموارد النفطية والغازية والمناجم التي تركتها فرنسا. 

ولكن هذه الطرح قوبل بالرفض من طرف زعماء القبائل الصحراوية المبايعين للسلاطين المغرب والمعينين بظهائر شريفة وعلى راسهم القايد عبد الله السنهوري والقائد حمدي ولد السالك فنشر القايد ولد السالك جيشه في جوانب المدينة ودارت بينهم معركة ضروس اقترحت خلالها الجزائر عدة مقترحات على قياد تندوف من اجل العدول عن قرارهم و التعاون معها من اجل ضم تندوف للجزائر ولكنهم رفضوا. 

وهؤلاء القواد كانو متصلين بالمغرب بشكل مباشر عن طريق قايد منطقة الزاك محمد السوسي وكانوا يخبرونه بما تدبره الجزائر وكانت السلطة المغربية ترسل لهم الرسائل تحضهم فيها على الثبات على موقفهم والبقاء في اماكنهم وتعدهم بالدعم السياسي والعسكري قريبا .

 وهذه الرسائل بتاريخ 26/6/1962 و28/6/1962 والاخيرة في 11/5/1962 اي الاخيرة بعد استقلال الجزائر. 

وقد قامت الجزائر بالاستفتاء في الجهة الشرقية وصوتت القبائل الموالية للجزائر لصالح الاستقلال تحت السيادة الجزائرية ولكن قادة قبائل تندوف المغاربة بقوا متشبثين بموقفهم ورابضوا في مساكنهم بحي موساني يرفعون الاعلام المغربية وصور سلطان المغرب وكان شعارهم : نعم لاستقلال [الجزائر] لكننا مغاربة وهذه هي الاماكن التي كان يجتمع المتظاهرون :

1. دار القايد السنهوري تندوف من قبيلة تجاكانت 

2. دار القايد حمدي ولد السالك من الرقيبات فخذ قاسم وابراهيم 

3. دار القايد البلال ولد لحبيب من الرقيبات ابراهيم وداود

4. دار مولودي ولد بارة من الرقيبات الفقرة

وهذا ما أكده العقيد شيفالييه  شانتبي  رئيس مركز العمليات في عدد 1962 من نشرة هيئة الأركان العامة للدفاع الوطني عندما كتب عن تندوف أن سكان الرقيبات والتاجاكانت في هذا المركز ((قد اختاروا بالفعل، أنهم مغاربة بلا جدال))

وهذه وثيقة فرنسية صادرة عن مصلحة التوثيق الخارجي ومحاربة التجسس SDECE التي كانت تابعة لوزارة الخارجية الفرنسية في الجزائر.

والوثيقة مسجلة في مكتب ضبط المصلحة بتاريخ 16 ماي 1962 ومكتوب فيها "سري جدا" Très secret. 

الوثيقة تخبر السلطة الفرنسية بأن ساكنة تندوف لا ترغب في المشاركة في استفتاء تقرير المصير المقرر إجراؤه في الجزائر، والسبب هو أن ساكنة تندوف تقول بأنه من غير المعقول أن تتخلى عن جنسيتها المغربية، ومن المستحيل أن تشارك في التصويت


وهذه وثيقة فرنسية مؤرخة ب 16 ماي 1962 تابعة للمخابرات الفرنسية في الجزائر تخبر السلطات الفرنسية أن المغاربة في تندوف يرفضون الانضمام للجزائر والمشاركة في الاستفتاء

وهذا نصها : في يوم 5 ماي 1962 وصلت الى تندوف شخصية جزائرية غير معروفة , وخلال الاجتماع الذي نظم هناك أخبر السكان أن تندوف جزائرية وانها ستشهد ازدهارا قريبا.

كان لقائه بالقياد والشيوخ (المغاربة) عاصفا (لانهم لم يقبلوا ما جائهم به) وصرحوا له علانية أنه لا يمكن أن يتصور أن عن جنسيتهم المغربية وأنه يستحيل أن يصوتوا في الاستفتاء. وتم القبض على خليفة قائد الزاك في تندوف لانه كان يعطي تعليماته للسكان بالرفض ويامرهم بتزيين كافة المدينة بالاعلام المغربية .  

 


و بتاريخ 28/6/1962 غادر القايد السنهوري تندوف في اتجاه الزاك حاملا رسالة لقائد الزاك من طرف القايدين مولودي ولد بارة والبلال ولد لحبيب يخبرونه فيها عن الاوضاع في المدينة وعن تشبتهم بالبيعة والعرش العلوي. 

ورغم مغادرة السنهوري لتندوف بقو القواد الاخرين مرابطين في اماكنهم يحملون الاعلام المغربية على مساكنهم ومسكن القايد السنهوري.

بل انهم في 7/7/ 1962 بعد أيام قليلة من إعلان استقلال الجزائر في 3 يوليو 1962 أرسلوا وفد من ممثلي قبائل تندوف الى المغرب من أجل تقديم البيعة للملك الحسن الثاني.

وهذه بعض الرسائل التي أرسلها قايد مدينة الزاك يحض فيها نوابه في تندوف على الثبات والصبر ويعدهم بتفديم الدعم والمساعدة.

نص الوثيقة الاولى :

الزاك في 26 يونيو جوان 1962

من القائد الممتاز محمد السوسي ممثل سعادة عامل اقليم طرفاية الصحراء الى حضرة القائد الهمام والوطني المخلص السيد البلال بن لحبيب بعد التحية والاكرام المقرونين بكل حب واحترام احيطكم علما بأننا توصلنا بجميع ماتقومون به من خدمات جليلة وأعمال تستحق كل التقدير ، فقد بلغنا جلالة الملك نصره الله بكل اخلاصكم واجتهادكم فقد فرح به نصره الله غاية الفرح وفي الحين بان نبلغكم سلامه وتحياته وان نخبركم بانه نصره الله هو معكم قلبا وروحا وهو يحثكم نصره الله على الصبر ثم الصبر

واعلم ايها الأخ العزيز ان الشعب ملكا وحكومة وشعبا يردد اسمكم ويشكركم على اعمالكم الشريفة، وان الجيش كله قريب منكم وهو على اتم استعداد

وفي القريب العاجل سنزودكم بجميع التعليمات التي تأتينا من صاحل جلالة نصره الله.

اعانكم الله وأمد في عمركم امضاء اخوكم محمد السوسي قائد الزاك بالمملكة المغربية .




 نص الوثيقة الثانية :

الزاك في 28 يونيو/جوان 1962م

الحمدلله وحده والصلاه والسلام على رسول الله

من القائد الممتاز محمد السوسي الى الاخوان المخلصين القائدين العظيمين السيدين البلال ولد لحبيب و مولودي ولد بارة.

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد 

أخبركم ايها الاخوان الأعزاء انه في هذا الصباح وصلنا اخونا القائد ولد سيدي السنهوري فبلغنا خبركم وأحواكم بكل تفصيل واعطانا رسائلكم ففرحنا بها غاية السرور

اخواني شكرا لكم على خدماتكم واخلاصكم، اننا معكم وان قوات الجيش بدأت تصلنا وفي القريب سأكون بينكم وابلغكم بعض الحوائج التي تصلنا من مولانا الملك نصره الله وسعادة العامل.

وفي الختام ارجو من الله سبحانه وتعالى ان يعينكم ويوفقكم ويحفضكم من كل مكروه والسلام

امضاء اخوكم محمد السوسي قائد الزاك بالمملكة المغربية .




وبعد أكثر من ستة اشهر من المظاهرات الرافضة للاستفتاء الجزائري والمتمسكة بمغربية المدينة وبولائها للعرش العلوي وقامت السلطات بمحاصرة المحتجين ومهاجمتهم بحجة عدم جدوى المفاوضات مع القايد ولد السالك والذين معه وبزعم أن هؤلاء المتظاهريين قاموا باطلاق النار على دورية للجيش الوطني الشعبي في حي موساني .

وفي شهر اكتوبر 1962 شنت القوات الجزائرية بقيادة الصديق بن جكاني حربا بالمدفعية الثقيلة من مختلف الجهات وقصفت المدنيين وهدمت مساكنهم وتمكنت من السيطرة على مدينة تندوف بالقوة وانزالت المحتجين من قواعدهم الثلاث دار السنهوري ودار الحبيب ولد بلال ودار حمدي ولد السالك وقتل أكثر من مئة قتيل 

عبدااله ولد عجنى ولد زريبيع 

والمصصطفى ولد زركو 

واسر القائد ولد السالك ومن معه وتم القضاء نهايئا على هذ الذي عمر شهورا.

وتم اعتقاله ببشار لمدة ثلاث سنوات أطلق سراحه بعدها سنة 1964 مقترحة عليه العودة بمنصبه تحت لوائها فرفض ذلك معتبرا أن تيندوف مغربية وقبل عودته إلى المغرب تم استدعاؤه من طرف الحاكم الجنرال سرزال الحاكم العام الاسباني في الصحراء آنذاك حيث عرض عليه أن يكون حاكم عام على منطقة الصحراء وذلك تحت النفوذ الاسباني إلا انه رفض ليتم استدعاؤه من طرف المغفور له الحسن الثاني سنة 1964

وبعد هذه المجزرة هربت العديد من هذه القبائل الصحراوية الى المغرب واستقبلتهم السلطات المغربية . ثم عاد الكثير منهم الى تندوف بعد تاسيس جبهة البوليزاريوا وبعد البوباكندا التي قادتها الجزائر ضد المغرب 

وهذه شهادة من كتاب تاريخ المغرب للمؤلف الفرنسي برنار لوجون تؤكد هذه الوقائع :


وهذه وثيقة أخرى لمؤلف كتاب الجيش الفرنسي في الصحرا بيير دينيس تذكر ذالك :



https://defense-arab.com/vb/threads/141195/#




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق