ارشاد الحائرين الى هدي السلف في معاملة السلاطين
المبحث الثاني
في التحذير من مفارقة
الجماعة
باب ما جاء في التحذير من
مفارقة الجماعة والخروج على إمامها
قال الله
تعالى : {وَلا تَكُونُوا
كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}
وقال تعالى : {وَلا تَتَّبِعُوا
السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}
وقال تعالى : {وَلا تَكُونُوا مِنَ
الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا
دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}
وقال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا
دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}
وقال تعالى : {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ
اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}
قال أبو جعفر الطبري في تفسيره :"واعتصموا بحبل الله جميعًا"، يعني بذلك جل ثناؤه وتعلقوا
بأسباب الله جميعًا. يريد بذلك تعالى ذكره: وتمسَّكوا بدين الله الذي أمركم به،
وعهده الذي عَهده إليكم في كتابه إليكم، من الألفة والاجتماع على كلمة الحق،
والتسليم لأمر الله.
قال أهل التأويل.
قال عبد الله بن مسعود : حبل الله هو الجماعة.
وقال : يا أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنها حبل
الله الذي أمرَ به، وإنّ ما تكرهون في الجماعة والطاعة، هو خيرٌ مما تستحبون في
الفرقة.
وقال أيضا : إن الصراط مُحْتَضَر تحضره الشياطين، ينادون: يا عبد الله، هلمّ هذا
الطريق! ليصدّوا عن سبيل الله،. فاعتصموا بحبل الله، فإن حبلَ الله هو كتاب الله.
وقَالَ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ كِتَابَ اللَّهِ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ مَنِ
اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الْهُدَى وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ على الضلالة. (الصحيحة) (4/ 356) هذا
النقل مني وليس من الطبري.
وقال أبو سعيد الخدري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كتاب الله، هو حبل الله الممدودُ من
السماء إلى الأرض.
وقال قتادة :حبل الله المتين الذي أمر أن يُعتصم به : هذا القرآن.
وقال السدي: حبل الله، فكتاب الله.
وقال الضحاك : حبل الله القرآن.
وقال قتادة : واعتصموا بحبل الله جميعًا قال: بعهد الله وأمره.
وقال مجاهد: حبل الله، عهد الله.
وقال عطاء: حبل الله، قال: العهد.
وقال أبي العالية في قوله: واعتصموا بحبل الله جميعا، يقول: اعتصموا بالإخلاص لله وحده.
وقال ابن زيد في قوله: واعتصموا بحبل الله جميعًا، قال: الحبل، الإسلام.
القول في تأويل قوله عز وجل: {وَلا تَفَرَّقُوا}
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ولا تفرقوا"، ولا تتفرقوا عن دين الله
وعهده الذي عهد إليكم في كتابه، من الائتلاف والاجتماع على طاعته وطاعة رسوله صلى
الله عليه وسلم، والانتهاء إلى أمره.
قال قتادة:"ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم"، إنّ الله عز وجل قد كره
لكم الفُرْقة، وقدّم إليكم فيها، وحذّركموها، ونهاكم عنها، ورضي لكم السمعَ
والطاعة والألفة والجماعة، فارضوا لأنفسكم ما رضى الله لكم إن استطعتم، ولا قوّة
إلا بالله. انتهى كلام الطبري
وقال بن أبي حاتم في تفسيره : عن سِمَاكُ بْنُ الْوَلِيدِ الْحَنَفِيُّ أَنَّهُ لَقِيَ
ابْنَ عَبَّاسٍ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ: مَا يَقُولُ فِي سُلْطَانٍ عَلَيْنَا
يَظْلِمُونَا وَيَشْتِمُونَا وَيَعْتَدُونَ عَلَيْنَا فِي صَدَقَاتِنَا أَلا
نَمْنَعُهُمْ؟ قَالَ: لَا، أَعْطِهِمْ يَا حَنَفِيُّ، فَإِنَّ أَبَاكَ أَهْذَبُ
الشَّفَتَيْنِ مُنْتَفِشُ الْمُنْخَرَيْنِ، يعني: زنجي، وَأَعْطِهِ صَدَقَتَكَ،
فَلَنِعْمَ الْقَلُوصُ قَلُوصٌ يُؤْمَرُ الرَّجُلُ بَيْنَ عُرْسِهِ وَوَطْبِهِ،
يَعْنِي زَوْجَتَهُ وَقِرْبَةُ اللَّبَنِ، ثُمَّ أَخَذَ ذِرَاعَيَّ فَغَمَزَهَا
وَقَالَ: يَا حَنَفِيُّ: الْجَمَاعَةَ، الْجَمَاعَةَ، إِنَّمَا هَلَكَتِ الأُمَمُ
الْخَالِيَةُ بِتَفَرُّقِهَا، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا.
وقال أبو حيّان في تفسيره: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً أَيِ اسْتَمْسِكُوا
وَتَحَصَّنُوا. وَحَبْلُ اللَّهِ: الْعَهْدُ، أَوِ الْقُرْآنُ، أَوِ الدِّينُ،
أَوِ الطَّاعَةُ، أَوْ إِخْلَاصُ التَّوْبَةِ، أَوِ الْجَمَاعَةُ، أَوْ إِخْلَاصُ
التَّوْحِيدِ، أَوِ الْإِسْلَامُ. أَقْوَالٌ لِلسَّلَفِ يَقْرُبُ بَعْضُهَا مِنْ
بَعْضٍ. البحر المحيط في التفسير
وقال شيخ الإسلام في كتاب الإيمان : قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا
وَلاَ تَفَرَّقُواْ} قيل: حبل الله هو دين
الإسلام. وقيل: القرآن. وقيل: عهده. وقيل: طاعته وأمره. وقيل: جماعة المسلمين، وكل
هذا حق.
وقال القرطبي بعد أن ذكر أقوال السلف في تفسير الآية :وَالْمَعْنَى كُلُّهُ مُتَقَارِبٌ
مُتَدَاخِلٌ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَأْمُرُ بِالْأُلْفَةِ وَيَنْهَى عَنِ
الْفُرْقَةِ فَإِنَّ الْفُرْقَةَ هَلَكَةٌ وَالْجَمَاعَةَ نَجَاةٌ.
وقَالَ ابن عبد البر المالكي في الاستذكار: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى حَبْلٍ فَقِيلَ الْقُرْآنُ
وَقِيلَ الْجَمَاعَةُ وَالْخِلَافَةُ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ مُتَدَاخِلٌ لِأَنَّ
كِتَابَ اللَّهِ يَأْمُرُنَا بِالِائْتِلَافِ وَيَنْهَى عَنِ الْفُرْقَةِ
وَالِاخْتِلَافِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ مَنْ قَالَ مِنْ الْعُلَمَاءِ
بِالْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ بن مَسْعُودٍ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا.
وقَالَ بن الْمُبَارَكِ - رَحِمَهُ اللَّهُ
(إِنَّ الْجَمَاعَةَ حَبْلُ اللَّهِ فَاعْتَصِمُوا
... مِنْهُ بِعُرْوَتِهِ الْوُثْقَى لِمَنْ دَانَا)
(كَمْ يَرْفَعُ اللَّهُ بِالسُّلْطَانِ مَظْلَمَةً
... فِي دِينِنَا رَحْمَةً مِنْهُ وَدُنْيَانَا)
(لَوْلَا الْخِلَافَةُ لَمْ تُؤَمَنْ لَنَا سُبُلٌ
... وَكَانَ أَضْعَفُنَا نَهْبًا لِأَقْوَانَا).
انتهى.
-- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَرْضَى لَكُمْ
ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا
تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وأن تنصحوا لمن ولاّه الله أمركم وَأَنْ تَعْتَصِمُوا
بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ
وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ . صحيح مسلم
قال الزرقاني في شرح الموطئ: إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا مِنَ الْخِصَالِ،
(وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا) ، يَعْنِي يَأْمُرُكُمْ بِثَلَاثٍ، وَيَنْهَاكُمْ
عَنْ ثَلَاثٍ إِذِ الرِّضَا عَنِ الشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ بِهِ،
وَالْأَمْرُ بِهِ يَسْتَلْزِمُ الرِّضَا، فَهُوَ كِنَايَةٌ، وَكَذَا الْكَلَامُ
فِي السُّخْطِ.
وقال النووي وَأَمَّا الِاعْتِصَامُ بِحَبْلِ اللَّهِ فَهُوَ
التَّمَسُّكُ بِعَهْدِهِ وَهُوَ اتِّبَاعُ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ وَحُدُودِهِ
وَالتَّأَدُّبِ بِأَدَبِهِ وَالْحَبْلُ يُطْلَقُ عَلَى الْعَهْدِ وَعَلَى
الْأَمَانِ وَعَلَى الْوَصْلَةِ وَعَلَى السَّبَبِ وَأَصْلُهُ مِنَ اسْتِعْمَالِ
الْعَرَبِ الْحَبْلَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ لِاسْتِمْسَاكِهِمْ بِالْحَبْلِ
عِنْدَ شَدَائِدِ أُمُورِهِمْ وَيُوصِلُونَ بِهَا الْمُتَفَرِّقَ فَاسْتُعِيرَ
اسْمُ الْحَبْلِ لِهَذِهِ الْأُمُورِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَلَا تَفَرَّقُوا فَهُوَ أَمْرٌ بِلُزُومِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ
وَتَأَلُّفِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَهَذِهِ إِحْدَى قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ.
وقَالَ ابن عبد البر المالكي في التمهيد فِي هَذَا الْحَدِيثِ ضُرُوبٌ مِنَ الْعِلْمِ مِنْهَا أَنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الْإِخْلَاصَ فِي عِبَادَتِهِ فِي التَّوْحِيدِ وَسَائِرِ
الْأَعْمَالِ كُلِّهَا الَّتِي يُعْبَدُ بِهَا وَفِي الْإِخْلَاصِ طَرْحُ
الرِّيَاءِ كُلِّهِ لِأَنَّ الرِّيَاءَ شِرْكٌ أَوْ ضَرْبٌ مِنَ الشِّرْكِ قَالَ
أَهْلُ الْعِلْمِ بِالتَّأْوِيلِ إِنَّ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل فمن كان يرجو
لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ
رَبِّهِ أَحَدًا نَزَلَتْ فِي الرِّيَاءِ وَيَدْخُلُ فِي الْإِخْلَاصِ أَيْضًا
التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ وَلَا يُعْطِي
وَلَا يَمْنَعُ عَلَى الْحَقِيقَةِ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى
وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَفِيهِ الْحَضُّ عَلَى
الِاعْتِصَامِ وَالتَّمَسُّكِ بِحَبْلِ اللَّهِ فِي حَالِ اجْتِمَاعٍ وَائْتِلَافٍ
وَحَبْلُ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا كِتَابُ
اللَّهِ وَالْآخَرُ الْجَمَاعَةُ وَلَا جَمَاعَةَ إِلَّا بِإِمَامٍ وَهُوَ عِنْدِي
مَعْنَى مُتَدَاخِلٌ مُتَقَارِبٌ لِأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ يَأْمُرُ بِالْأُلْفَةِ
وَيَنْهَى عَنِ الْفُرْقَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَكُونُوا
كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا الْآيَةَ وَقَالَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ
اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا.
وقَالَ أَبُو عُمَرَ الظَّاهِرُ فِي حَدِيثِ سُهَيْلٍ هَذَا فِي قَوْلِهِ وَيَرْضَى لَكُمْ
أَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا أَنَّهُ أَرَادَ الْجَمَاعَةَ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ أَشْبَهُ بِسِيَاقَةِ الْحَدِيثِ وَأَمَّا كِتَابُ
اللَّهِ فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالتَّمَسُّكِ وَالِاعْتِصَامِ بِهِ
فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ وَغَيْرِ مَا حَدِيثٍ غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ
الْمُرَادُ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْجَمَاعَةُ عَلَى إِمَامٍ يُسْمَعُ لَهُ
وَيُطَاعُ فَيَكُونُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ فِي النِّكَاحِ وَتَقْدِيمُ
الْقُضَاةِ لِلْعَقْدِ عَلَى الْأَيْتَامِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ وَيُقِيمُ
الْأَعْيَادَ وَالْجُمُعَاتِ وَتُؤَمَّنُ بِهِ السُّبُلُ وَيَنْتَصِفُ بِهِ
الْمَظْلُومُ ويجاهد عن الأمة عدوها ويقسم بينها فيها لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ
وَالْفُرْقَةَ هَلَكَةٌ وَالْجَمَاعَةَ نَجَاةٌ .انتهى
-- عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ
قَال َ: مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ
الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ
عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ لعصبية
أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً لعصبية فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ
جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلَا
يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي
وَلَسْتُ مِنْهُ. صحيح مسلم
قال أبو العبّاس
القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى
في المفهم -: هذا التبرّي أنه ليس بمسلم، وهذا صحيحٌ إن كان معتقدًا لحلّيّة ذلك،
وإن كان معتقدًا لتحريمه، فهو عاصٍ من العصاة، مرتكب كبيرةً، فأمره إلى اللَّه
تعالى، ويكون معنى التبرّي على هذا: أي ليست له ذمّة، ولا حرمة، بل إن ظُفِر به
قُتل، أو عُوقب بحسب حاله، وجريمته. ويحتمل أن يكون معناه: ليس على طريقتي، ولستُ
أرضى طريقته، كما تقدّم أمثالُ هذا.
وهذا الذي ذكره في هذا
الحديث هي أحوال المقاتلين على الملك، والأغراض الفاسدة، والأهواء الركيكة، وحميّة
الجاهليّة، وقد أبعد من قال: إنهم الخوارج، فإنهم إنما حملهم على الخروج الْغَيْرة
للدين، لا شيء من العصبيّة، والملك؛ لكنّهم اخطؤوا التأويل، وحرّفوا التنزيل.
وقال بن هبيرة في الإفصاح عن معاني
الصحاح قوله: (من خرج على أمتي) فإنه - صلى الله عليه وسلم - إنما يعني به من خرج
على أمته كلها لا يفرق بين محق منها ومبطل، ولا يميز بين صالح منها وغوي، ولا
يعتبر حال مؤمن من حال كافر، فإن هذا لا يكون خروجه لهوى في دين ولا لضلالة في
مذهب، وإنما يكون شغله الباطل للدنيا خاصة، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: (ليس مني ولست منه)، فكرر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نطق التبري مرتين، فإنه
ليس مني وأنا لست منه، تأكيدا لتبرئه - صلى الله عليه وسلم - منه، ونفيه عنه ليعرف
بذلك.
-- وعن بن عمر
قال: عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ فَارَقَ
الْجَمَاعَةَ شِبْرًا
فَمَاتَ، فَمِيتَةٌ
جَاهِلِيَّةٌ . صحيح مسلم
-- وعَنْ حُذَيْفَةَ بن
اليماني، قَالَ : مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَقَدْ فَارَقَ
الْإِسْلَامَ . (السنة للخلال)
قال الحافظ ابن حجر: قوله صلى الله
عليه وسلم (من فارق الجماعة ) وَهِيَ كِنَايَةٌ عَنْ
مَعْصِيَةِ السُّلْطَانِ ومحاربته قَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ الْمُرَادُ
بِالْمُفَارَقَةِ السَّعْيُ فِي حَلِّ عَقْدِ الْبَيْعَةِ الَّتِي حَصَلَتْ
لِذَلِكَ الْأَمِيرِ وَلَوْ بِأَدْنَى شَيْءٍ فَكُنِّيَ عَنْهَا بِمِقْدَارِ
الشِّبْرِ لِأَنَّ الْأَخْذ فِي ذَلِك يؤول إِلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ
حَقٍّ وَالْمُرَادُ بِالْمِيتَةِ الْجَاهِلِيَّةِ وَهِيَ حَالَةُ الْمَوْتِ
كَمَوْتِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى ضَلَالٍ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مُطَاعٌ
لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَمُوتُ
كَافِرًا بَلْ يَمُوتُ عَاصِيًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ عَلَى
ظَاهِرِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَمُوتُ مِثْلَ مَوْتِ الْجَاهِلِيِّ وَإِنْ لَمْ
يَكُنْ هُوَ جَاهِلِيًّا أَوْ أَنَّ ذَلِكَ وَرَدَ مَوْرِدَ الزَّجْرِ
وَالتَّنْفِيرِ وَظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَيُؤَيِّدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَاهِلِيَّةِ
التَّشْبِيهُ .(فتح الباري)
وقال بن الجوزي (المتوفى: 597هـ) في كشف المشكل : من فَارق
الْجَمَاعَة شبْرًا فَمَاتَ فميتة جَاهِلِيَّة ". الْمُفَارقَة هَاهُنَا فِي
قبُول الْإِمَامَة، وَذكر الشبر على سَبِيل الْمثل. وَالْميتَة: يَعْنِي بهَا
الْحَالة الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا والجاهلية: عَادَة الْقَوْم قبل الْإِسْلَام،
فَإِنَّهُم كَانُوا يعْملُونَ بواقعاتهم وَلَا يلتفتون إِلَى مشرع.
وقال القسطلاني في إرشاد الساري : فإن الشأن في (من فارق الجماعة)
أي جماعة الإسلام وخرج عن طاعة الإمام (شبرًا) أي ولو بأدنى شيء (فمات إلا مات
ميتة جاهلية) أي فمات على هيئة كان يموت عليها أهل الجاهلية لأنهم كانوا لا يرجعون
إلى طاعة أمير ولا يتبعون هدى إمام بل كانوا مستنكفين عن ذلك مستبدين بالأمور لا
يجتمعون في شيء ولا يتفقون على رأي وليس المراد أنه يكون كافرًا بذلك بل عاصيًا.
وقال الشيخ العثيمين (مات ميتة جاهلية) يعني ليس ميتة الإسلام والعياذ
بالله. وهذا يحتمل معنيين:
الأول: يحتمل أنه يموت ميتة
جاهلية بمعنى أنه يزاغ قلبه والعياذ بالله، حتى تكون هذه المعصية سبباً لردته.
الثاني: ويحتمل المعنى الآخر
أنه يموت ميتة جاهلية؛ لأن أهل الجاهلية ليس لهم إمام وليس لهم أمير؛ بل لهم رؤساء
وزعماء لكن ليس لهم ولاية كولاية الإسلام، فيكون هذا مات ميتة جاهلية.
-- وعن فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ثَلَاثَةٌ لَا تَسْأَلْ عَنْهُمْ: رَجُلٌ فَارَقَ
الْجَمَاعَةَ، وَعَصَى إِمَامَهُ، وَمَاتَ عَاصِيًا، وَأَمَةٌ أَوْ
عَبْدٌ أَبَقَ فَمَاتَ، وَامْرَأَةٌ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا، قَدْ كَفَاهَا مُؤْنَةَ
الدُّنْيَا فَتَبَرَّجَتْ بَعْدَهُ، فَلَا تَسْأَلْ عَنْهُمْ، وَثَلَاثَةٌ لَا
تَسْأَلْ عَنْهُمْ: رَجُلٌ نَازَعَ اللهَ رِدَاءَهُ، فَإِنَّ رِدَاءَهُ
الْكِبْرِيَاءُ وَإِزَارَهُ الْعِزَّةُ، وَرَجُلٌ شَكَّ فِي أَمْرِ اللهِ
وَالْقَنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ . (صححه الشيخ الألباني في صحيح الأدب المفرد (590 )
قال المناوي في فيض القدير(ثَلَاثَة لَا تسْأَل عَنْهُم) أَي
فَإِنَّهُم من الهالكين.
وقال الأمير الصنعاني في التَّنويرُ شَرْحُ الجَامِع الصَّغِيرِ (ثلاثة لا تسأل عنهم) مبني
للمعلوم أي لا تسأل عن كيفية عقوبتهم فهي من الفظاعة بحيث لا يحتملها السمع أو لا
تهتم بهم ولا تسأل عنهم فهم أحقر من أن تعتني بشأنهم وتشتغل بالسؤال عنهم، أو لا
تسأل الشفاعة فيهم فإنهم هالكون أولهم: (رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات
عاصياً) أي فارق عمن اجتمع عليه الناس ولا أتى أمراً يوجب فراقه من ظلم وعصيان
لله وتعد لحدوده فإنه لا يجوز من أحد الخروج عليه فإن المراد فارقه مفارقة تضره
وتضر المسلمين ولذا قال فارق الجماعة وعصى إمامه فأنه لو عصى إمامه وبقى في
جماعته غير متعد بصره أحداً لم يدخل في الوعيد، وأخص الناس لهذه الصفة الخوارج
المارقون فإنهم كانوا بهذه الصفة وماتوا عاصين غير تائبين.
وقال الأمير الصنعاني في التَّنويرُ شَرْحُ الجَامِع الصَّغِيرِ (ثلاثة لا تسأل عنهم) مبني
للمعلوم أي لا تسأل عن كيفية عقوبتهم فهي من الفظاعة بحيث لا يحتملها السمع أو لا
تهتم بهم ولا تسأل عنهم فهم أحقر من أن تعتني بشأنهم وتشتغل بالسؤال عنهم، أو لا
تسأل الشفاعة فيهم فإنهم هالكون أولهم: (رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات
عاصياً) أي فارق عمن اجتمع عليه الناس ولا أتى أمراً يوجب فراقه من ظلم وعصيان
لله وتعد لحدوده فإنه لا يجوز من أحد الخروج عليه فإن المراد فارقه مفارقة تضره
وتضر المسلمين ولذا قال فارق الجماعة وعصى إمامه فأنه لو عصى إمامه وبقى في
جماعته غير متعد بصره أحداً لم يدخل في الوعيد، وأخص الناس لهذه الصفة الخوارج
المارقون فإنهم كانوا بهذه الصفة وماتوا عاصين غير تائبين.
-- وعن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم من فارق الجماعة قدر شبر فقد خلع ربقة الإسلام
من عنقه) وفي رواية (فكأنما خلع ربقة الإسلام من عنقه). صحيح أبي داود [4758]
-- وَعَنْ الْحَارِثِ
الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى
الله عليه وسلم : إِنَّ اللهَ أَمَرَ
يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عليه السلام
بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ
يَعْمَلُوا بِهَا , وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا , فَقَالَ عِيسَى عليه
السلام :
إِنَّ اللهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ
بِهَا , وَتَأمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا , فَإِمَّا أَنْ
تَأمُرَهُمْ , وَإِمَّا أَنْ آمُرَهُمْ , فَقَالَ يَحْيَى: أَخْشَى إِنْ
سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ , فَجَمَعَ النَّاسَ فِي
بَيْتِ الْمَقْدِسِ , فَامْتَلَأَ الْمَسْجِدُ , وَتَعَدَّوْا عَلَى الشُّرَفِ
فَقَالَ: إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ ,
وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ , أَوَّلُهُنَّ: أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلَا
تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا , وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ
اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ فَقَالَ: هَذِهِ دَارِي , وَهَذَا عَمَلِي ,
فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَيَّ , فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ
, فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ؟ وَإِنَّ اللهَ - عز وجل -
خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ , فَاعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَإِنَّ
اللهَ أَمَرَكُمْ بِالصَلَاةِ , فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فلَا تَلْتَفِتُوا , فَإِنَّ
اللهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ ,
وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ , فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ , فَكُلُّهُمْ
يُعْجِبُهُ رِيحُهَا , وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ
الْمِسْكِ , وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ , فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ
أَسَرَهُ الْعَدُوُّ , فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ , وَقَدَّمُوهُ
لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَفْتَدِيَ نَفْسِي مِنْكُمْ؟ ,
فَجَعَلَ يَفْتَدِي نَفْسَهُ مِنْهُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ حَتَّى فَكَّ
نَفْسَهُ , وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللهِ كَثِيرًا , فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ
رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا فَأَتَى حِصْنًا حَصِينًا فَتَحَصَّنَ فِيهِ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ
مِنْهُمْ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ , لَا
يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللهِ , ثُمَّ قَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: وَأَنَا
آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ , اللهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ: بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ
وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ , وَالْهِجْرَةِ وَالْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ مَنْ
خَرَجَ مِنْ الْجَمَاعَةِ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ
عُنُقِهِ , إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ , وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى
الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مِنْ جُثَاءِ
جَهَنَّمَ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ , وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ؟
قَالَ: وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ , وَزَعَمَ أَنَّهُ
مُسْلِمٌ , فَادْعُوا الْمُسْلِمِينَ بِدَعْوَى اللهِ الَّذِي سَمَّاكُمْ:
الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ , عِبَادَ اللهِ - عز وجل . رواه الترمذي وأحمد و صححه
الألباني في الترغيب 553، والمشكاة 3694. وصحيح الجامع الصغير وزياداته (1724)
قال الخطابي في شرح سنن أبي داود : الربقة ما يجعل في عنق الدابة
كالطوق يمسكها لئلا تشرد، يقول من خرج عن طاعة الجماعة وفارقهم في الأمر المجمع
عليه فقد ضل وهلك وكان كالدابة إذا خلعت الربقة التي هي محفوظة بها فإنها لا يؤمن
عليها عند ذلك الهلاك والضياع.
وقال البغوي في شرح السنة قَوْلُهُ: رِبْقَةَ الإِسْلامِ،
الرِّبْقُ: الْخَيْطُ، الْوَاحِدُ رِبْقَةٌ، وَأَرَادَ بِهِ: فَارَقَ عَقْدَ
الإِسْلامِ بِتَرْكِ السُّنَّةِ، وَاتِّبَاعِ الْبِدْعَةِ.
وقال القاضي عياض : في قوله وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَى
الْجَاهِلِيَّةِ َوالْمُرَادُ بِالْجَاهِلِيَّةِ مَا كَانَ فِي الْفَتْرَةِ قَبْلَ
الْإِسْلَامِ .
وقال بن حجر في الفتح :
دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ الِاسْتِغَاثَةُ عِنْدَ إِرَادَةِ الْحَرْبِ
كَانُوا يَقُولُونَ يَا آلَ فُلَانٍ فَيَجْتَمِعُونَ فَيَنْصُرُونَ الْقَائِلَ
وَلَوْ كَانَ ظَالِمًا فَجَاءَ الْإِسْلَامُ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ.
وقال ابن القيم في تفسير دعوى الجاهلية: الدعاء بدعوى الجاهلية كالدعاء إلى القبائل
والعصبية للإنسان، ومثله التعصب للمذاهب والطوائف والمشايخ وتفضيل بعض على بعض في
الهوى والعصبية، وكونه منتسباً إليه، يدعو إلى ذلك، ويوالي عليه ويعادي ويزن الناس
به، فكل هذا من دعوى الجاهلية. انظر: تيسير العزيز الحميد ص 444
وقال أبو منصور الهروي(المتوفى: 370هـ)
في تهذيب اللغة: (فلانٌ من جُثَي جَهَنَّمْ) وَله مَعْنيان فِيمَا فَسَّر
أَبُو عُبيد: أَحدُهما أَنَّه مِمَّن يَجْثُو على الرُّكَب فِيهَا، وَالْآخر أَنه
من جماعات أَهْلِ جَهَنَّم، على رِوَايَة من رَوى جُثَى بالتَّخفيف، ومَنْ رَواه
من جُثِيّ جَهَنَّم، بتَشْديد الْيَاء، فَهُوَ جَمْعُ الثَّاني. وفي رواية للقضاعي
من جمر جهنم. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ
جِثِيّاً} (مَرْيَم: 68) .
-- وعن النعمان بن
بشير قال: قال النبي صلى الله
عليه و سلم على المنبر (...الجماعة رحمة والفرقة عذاب). (السلسلة الصحيحة 167، وصحيح الترغيب 966 وصحيح الجامع الصغير وزياداته
3109 .)
قال الأمير الصنعاني في شرح هذا الحديث (الجماعة رحمة) أي لزوم جماعة
المسلمين سبب لرحمة الله {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا
تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103] قال العامري: شارح الشهاب: لفظ الجماعة ينصرف لجماعة
المسلمين لما اجتمع فيهم من جميل خصال الإسلام ومكارم الأخلاق وترقي السابقين منهم
إلى درجة الإحسان وإن قل عددهم حتى لو اجتمع الإحسان والتقوى اللذان معهما الرحمة
في واحد لكان هو الجماعة فالرحمة في متابعته والعذاب في مخالفته. (والفرقة
عذاب) أي فراق الجماعة سبب للعذاب لأن من فارق الجماعة لم يفارقهم إلا لخبث في
باطنه فلا يقع إلا فيما لا يرضاه الله تعالى ويحتمل أن يراد بالجماعة المسلمون
وبالفرقة الردة ومخالفته في الإسلام.
-- وعَنْ حُذَيْفَةَ
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ
فَارَقَ الْجَمَاعَةَ وَاسْتَذَلَّ الْإِمَارَةَ لَقِيَ اللهَ وَلَا وَجْهَ لَهُ
عِنْدَهُ . مسند أحمد
-- وعَنْ مُوسَى بْنِ طَرِيفٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي
بِخَيْرٍ أَتَّبِعُهُ، أَوْ شَرٍّ أَتَّقِيهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ رِضْوَانُ اللَّهِ
عَلَيْهِ: بَخٍ بَخٍ، لَقَدْ أَعْظَمْتَ، وَأَطْوَلْتَ، وَأَوْجَزْتَ، أَرِنِي
يَدَكَ، فَأَعْطَاهُ يَدَهُ، فَقَالَ: لَا تَنْكُثَنَّ صَفْقَتَكَ، وَلَا
تُفَارِقَنَّ أَئِمَّتَكَ، وَلَا تَرْتَدَّنَّ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ
هِجْرَتِكَ، خُذْهَا قَصِيرَةً طَوِيلَةً، كَمَا
أَعْطَيْتَهَا قَصِيرَةً طَوِيلَةً . [السُّنَّة لأبي بكر بن الخلال] [ص:120]
-- وعَنْ عَرْفَجَةَ بْنِ
شُرَيْحٍ الْأَشْجَعِيِّ رضي الله عنه قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَقَالَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ
بَعْدِي هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ فَمَنْ
رَأَيْتُمُوهُ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، أَوْ يُرِيدُ) (أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ
الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ) (عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ) (فَاقْتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ
كَانَ مِنَ النَّاسِ) (فَإِنَّ يَدَ اللهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ , وَإِنَّ
الشَّيْطَانَ مَعَ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ يَرْكُضُ . أخرجه مسلم (1852) والبيهقي في شعب
الإيمان.و( صحيح سنن النسائي) 4022و صحيح، الإرواء (2452) للشيخ الالباني و
جمع ألفاظه صهيب عبد الجبار في الجامع الصحيح للسنن والمسانيد
قال القرطبيّ: الهنات: جمع هَنَة، وهي كناية عن نكرةٍ أيَّ شيء
كان، ويعني به أنه سيكون أمور منكرة، وفتنٌ عظيمةٌ، كما قد ظهر، ووُجِد.
وقال النوويّ: الهنات جمع هَنَة، وتُطلق على كلّ شيء، والمراد بها هنا الفتن، والأمور الحادثة.
وقال النوويّ: الهنات جمع هَنَة، وتُطلق على كلّ شيء، والمراد بها هنا الفتن، والأمور الحادثة.
وقال بن الجوزي قَوْله: " هَنَات وهنات " كِنَايَة عَن
الْفِتَن وَالِاخْتِلَاف وَمَا يجْرِي فِي ضمن ذَلِك من الْأُمُور السَّيئَة.
وقال الأمير الصنعاني في التَّنويرُ شَرْحُ
الجَامِع الصَّغِيرِ (ستكون بعدي هنات وهنات) جمع هنة وهي كناية عن ما لا يراد
التصريح به لبشاعته أي أشياء قبيحة وأمور عظائم. (فمن رأيتموه فارق الجماعة)
الصحابة ومن بعدهم من السلف، قال أبو شامة: حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد
لزوم الحق واتباعه وإن كان المتمسك به قليلاً والمخالف كثيراً، قال البيهقي: إذا
فقدت الجماعة فعليك بما كانوا عليه من قبل وإن كنت وحدك فأنت حينئذ الجماعة. (أو
يريد أن يفرق أمر أمة محمَّد) بإنشاء الشقاق وإظهار الخلاف والتحزب للقتال. (كائنا
من كان) أي حال كونه متصفًا بأي صفة. (فاقتلوه) دفعًا لشق عصا المسلمين وتفريق
جماعتهم
وقال ملا علي القاري مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (سَتَكُونُ هَنَاتٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ
(وَهَنَاتٌ) أَيْ شُرُورٌ وَفَسَادَاتٌ مُتَتَابِعَةٌ خَارِجَةٌ عَنِ السُّنَّةِ
وَالْجَمَاعَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْفِتَنُ الْمُتَوَالِيَةُ، وَالْمَعْنَى
أَنَّهُ سَيَظْهَرُ فِي الْأَرْضِ أَنْوَاعُ الْفَسَادِ، الْفِتْنَةُ لِطَلَبِ
الْإِمَارَةِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَإِنَّمَا الْإِمَامُ مَنِ انْعَقَدَ أَوَّلًا
لَهُ الْبَيْعَةُ (فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ
يَفْصِلَ وَيَقْطَعَ (أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ) أَيْ وَالْحَالُ
أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْتَمِعَةٌ وَكَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ
(عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ) أَيْ
لَهُ أَهْلِيَّةُ الْخِلَافَةِ أَوْ لَهُ التَّسَلُّطُ وَالْغَلَبَةُ (فَاضْرِبُوهُ
بِالسَّيْفِ) أَيْ فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِالتَّفْرِيقِ وَالتَّقْطِيعِ (كَائِنًا
مَنْ كَانَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَقَارِبِي أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ بِشَرْطِ
أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ وَهِيَ الْخِلَافَةُ، وَفِي
نُسْخَةٍ: كَائِنًا مَا كَانَ، وَمَشَى عَلَيْهِ الطِّيبِيُّ حَيْثُ قَالَ:
إِنَّهُ حَالٌ فِيهِ مَعْنَى الشَّرْطِ أَيِ ادْفَعُوا مَنْ خَرَجَ عَلَى
الْإِمَامِ بِالسَّيْفِ وَإِنْ كَانَ أَشْرَفَ وَأَعْلَمَ وَتَرَوْنَ أَنَّهُ
أَحَقُّ وَأَوْلَى، وَهَذَا الْمَعْنَى أَظْهَرُ فِي لَفْظِهِ مِمَّا فِي
الْمَتْنِ .
وقال الشيخ الوَلَّوِي (الشَّيْطَانَ مَعَ
مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ يَرْكُضُ) أي يَعْدُو، ويُسرع. والمراد هنا. أنه يتغلغل
بينهم، ويحثّهم بأن يعادي بعضهم بعضًا، ويُسرع في الإفساد بينهم. واللَّه تعالى
أعلم بالصواب. شرح سنن النسائي المسمى «ذخيرة العقبى في شرح المجتبى.
وقال النووي فِيهِ الْأَمْرُ بِقِتَالِ مَنْ خَرَجَ عَلَى
الْإِمَامِ أَوْ أَرَادَ تَفْرِيقَ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوَ ذَلِكَ
وَيُنْهَى عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ قُوتِلَ وَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ
شَرُّهُ إِلَّا بِقَتْلِهِ فَقُتِلَ كَانَ هَدَرًا فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى
فَاقْتُلُوهُ مَعْنَاهُ إِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِذَلِكَ.
وقال الأمير الصنعاني في سبل السلام دَلَّتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ عَلَى أَنَّ مَنْ خَرَجَ
عَلَى إمَامٍ قَدْ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُرَادُ
أَهْلُ قُطْرٍ كَمَا قُلْنَاهُ، فَإِنَّهُ قَدْ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ
لِإِدْخَالِهِ الضَّرَرَ عَلَى الْعِبَادِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ جَائِرًا،
أَوْ عَادِلًا، وَقَدْ جَاءَ فِي أَحَادِيثَ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا أَقَامُوا
الصَّلَاةَ. وَفِي لَفْظٍ مَا لَمْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، وَقَدْ حَقَّقْنَا
هَذِهِ الْمَبَاحِثَ فِي مِنْحَةِ الْغَفَّارِ حَاشِيَةِ ضَوْءِ النَّهَارِ
تَحْقِيقًا تُضْرَبُ إلَيْهِ آبَاطُ الْإِبِلِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُنْعِمِ
الْمُتَفَضِّلِ.
قال أبو ياسر غفر الله له و
لوالديه سبحان الله أمر الرسول بقتل من خرج على الحكام الظلمة ولم يأمر بقتل الحكام الذين هم سبب في هذه الهنات و الفتن والدماء.
-- وعن أسامة بن
شريك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما رجل خرج يفرق بين أمتي فاضربوا
عنقه . رواه النسائي 4023 وقال الألباني
صحيح لغيره
وفي رواية عنه قال : مَنِ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي وَهُمْ جَمِيعٌ فاقتلوه
كائنا ما كان . صححه الشيخ
الألباني في الظلال و في صحيح الجامع .
-- وعن مُعَاوِيَةَ بْنِ
أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ أَبُو ذَرٍّ إِلَى الرَّبَذَةِ لَقِيَهُ
رَكْبٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالُوا: يَا أَبَا ذَرٍّ قَدْ بَلَغَنَا الَّذِي
صُنِعَ بِكَ فاعقد لواء يأتيك رِجَالٌ مَا شِئْتَ قَالَ: مَهْلا يَا أَهْلَ
الإِسْلامِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ: سَيَكُونُ بَعْدِي سُلْطَانٌ فأعزوه مَنِ الْتَمَسَ ذُلَّهُ ثَغَرَ
ثُغْرَةً فِي الإِسْلامِ وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ تَوْبَةٌ حَتَّى يُعِيدَهَا كَمَا
كَانَتْ . أخرجه أحمد 5/165.صححه
الألباني في كتابه ظلال الجنة في تخريج
السنة لان أبي عاصم – 1079
-- َعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم: سَيَكُونُ بَعْدِي خُلَفَاءُ يَعْمَلُونَ بِمَا يَعْلَمُونَ، وَيَفْعَلُونَ
مَا يُؤْمَرُونَ، وسيكون بعدهم خُلَفَاءُ يَعْمَلُونَ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ، وَيَفْعَلُونَ
مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ
أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ فقد بَرِئَ وَمَنْ
أَمْسَكَ يَدَهُ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ
رَضِيَ وَتَابَعَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا
نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: لَا , مَا صَلَّوْا. صححه الشيخ الألباني
في صحيح ابن حبان 6660
باب ما جاء في التحذير من نقض البيعة وأن ذالك من
أسباب مفارقة الجماعة
-- عن
معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من مات بغير
إمام مات ميتة جاهلية .أخرجه أحمد- (4
/ 96) وحسنه الشيخ الألباني في تعليقه على كتاب السنة لابن أبي عاصم
-- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : من خلع يداً من طاعه لقي الله يوم
القيامة ولا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلـــية. صحيح مسلم
-- وعن أبي ذر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية . صحيح مسلم
-- وعن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول من
نكث صفقته فلا حجة له . صححه الألباني في
الظلال .
-- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصَّلَاةُ
الْمَكْتُوبَةُ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ الَّتِي بَعْدَهَا كَفَّارَةٌ
لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَالشَّهْرُ إِلَى الشَّهْرِ
- يَعْنِي مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَى شَهْرِ رَمَضَانَ كَفَّارَةٌ لِمَا
بَيْنَهُمَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: ِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ فَعَرَفْتُ أَنَّ
ذَلِكَ مِنْ أَمْرٍ حَدَثَ، فَقَالَ: إِلَّا مِنَ الْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ وَنَكْثِ
الصَّفْقَةِ وَتَرْكِ السُّنَّةِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَمَّا
الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا نَكْثُ الصَّفْقَةِ وَتَرْكُ
السُّنَّةِ؟ قَالَ: أَمَّا نَكْثُ الصَّفْقَةِ: أَنْ تَبَايَعَ رَجُلًا
بِيَمِينِكَ، ثُمَّ تَخْتَلِفَ إِلَيْهِ فُتَقَابِلَهُ بِسَيْفِكَ، وَأَمَّا
تَرْكُ السُّنَّةِ: فَالْخُرُوجُ مِنَ الْجَمَاعَةِ . قال السيوطي في كتاب جامع الأحاديث أخرجه أحمد (2/229
رقم 7129) قال الهيثمى (5/224) فيه رجل لم يسم.. والبيهقى فى شعب الإيمان (3/308،
رقم3620) . وأخرجه أيضًا: إسحاق بن راهويه (1/397، رقم 435) والحاكم (1/207، رقم
412) وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ على شرط مسلم فَقَدِ احْتَجَّ بِعَبْدِ اللَّهِ
بْنِ السَّائِبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ الْأَنْصَارِيِّ، وَلَا أَعْرِفُ لَهُ
عِلَّةً والحديث صححه الذهبي في كتابه تلخيص المستدرك .
قال الشيخ شعيب الأرناؤوط في
تحقيق مسند أحمد صحيح دون قوله: "إلا
من ثلاث ... " إلى آخر الحديث ورجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن
السائب -وهو الكندي الكوفي- فمن رجال مسلم، إلا أنه قد روي عن يزيد بن هارون عن
العوام بن حوشب كما سيأتي عند المصنف برقم (10576) بزيادة رجل مبهم من الأنصار بين
عبد الله بن السائب وبين أبي هريرة، قال الدارقطني في "العلل" 3/ورقة
202: وقول يزيد أشبه بالصواب.
وأخرجه البيهقي في "شعب
الإيمان" (3620) من طريق هشيم، بهذا الإسناد.وأخرجه بنحوه الحاكم 4/259 من
طريق إسحاق بن يوسف، عن العوام بن حوشب، به - دون ذكر الجمعة إلى الجمعة ورمضان
إلى رمضان. وصحح إسناده ووافقه الذهبي.
فصل في مبايعة إمامين في بلد واحد
-- عن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: كَانَتْ بَنُو
إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ، كَلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ
نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيَكُون خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ
قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ: قَالَ
فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ ، أَعْطُوهُمْ
حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُم . متفق عليه
-- وعَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا
الْآخَرَ مِنْهُمَا . متفق عليه
-- وعَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ
فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ
الْكَعْبَةِ، وَالنَّاسُ حَوْلَهُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، فَأَتَيْتُهُمْ
فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ
خِبَاءَهُ، وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضل، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَره إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ
قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًا عَلَيْهِ أَنْ يَدُل أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا
يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَإِنَّ
أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكرونها،
وَتَجِيءُ فِتَنٌ يَرفُق بعضُها بَعْضًا، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ
الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ
فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ
النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ
يُؤْتَى إِلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَة يَدِهِ
وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ
يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُق الْآخَرِ).
(صحيح مسلم - السلسلة
الصحيحة 241)
قال الطيبي في الكاشف : الخباء هو أحد بيوت العرب من وبر أو
صوف، ولا يكون من شعر، ويكون علي عمودين أو ثلاثة، والجمع أخبئة.
وقال النووي في شرح صحيح مسلم (فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ
فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ) مَعْنَاهُ
ادْفَعُوا الثَّانِيَ فَإِنَّهُ خَارِجٌ عَلَى الْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِحَرْبٍ وَقِتَالٍ فَقَاتِلُوهُ فَإِنْ دَعَتِ
الْمُقَاتَلَةُ إِلَى قَتْلِهِ جَازَ قَتْلُهُ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ مُتَعَدٍّ فِي قتاله قوله (فقلت له هذا بن
عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ وَلَا
تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إِلَى آخِرِهِ) الْمَقْصُودُ بِهَذَا الْكَلَامِ أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ لَمَّا سَمِعَ كَلَامَ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْروِ بْنِ الْعَاصِ وَذِكْرَ الْحَدِيثِ فِي تَحْرِيمِ مُنَازَعَةِ الْخَلِيفَةِ الْأَوَّلِ وَأَنَّ الثَّانِيَ
يُقْتَلُ فَاعْتَقَدَ هَذَا الْقَائِلُ هَذَا الْوَصْفَ فِي مُعَاوِيَةَ لِمُنَازَعَتِهِ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَتْ قَدْ
سَبَقَتْ بَيْعَةُ عَلِيٍّ فَرَأَى هَذَا أَنَّ نَفَقَةَ مُعَاوِيَةَ عَلَى أَجْنَادِهِ وَأَتْبَاعِهِ فِي حَرْبِ عَلِيٍّ وَمُنَازَعَتِهِ
وَمُقَاتَلَتِهِ إِيَّاهُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَمِنْ قَتْلِ النَّفْسِ لِأَنَّهُ قِتَالٌ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ
مَالًا فِي مُقَاتَلَتِهِ قَوْلُهُ (أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ) هَذَا فِيهِ دَلِيلٌ لِوُجُوبِ
طَاعَةِ الْمُتَوَلِّينَ لِلْإِمَامَةِ بِالْقَهْرِ مِنْ غَيْرِ إِجْمَاعٍ وَلَا عَهْدٍ .
ادْفَعُوا الثَّانِيَ فَإِنَّهُ خَارِجٌ عَلَى الْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِحَرْبٍ وَقِتَالٍ فَقَاتِلُوهُ فَإِنْ دَعَتِ
الْمُقَاتَلَةُ إِلَى قَتْلِهِ جَازَ قَتْلُهُ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ مُتَعَدٍّ فِي قتاله قوله (فقلت له هذا بن
عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ وَلَا
تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إِلَى آخِرِهِ) الْمَقْصُودُ بِهَذَا الْكَلَامِ أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ لَمَّا سَمِعَ كَلَامَ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْروِ بْنِ الْعَاصِ وَذِكْرَ الْحَدِيثِ فِي تَحْرِيمِ مُنَازَعَةِ الْخَلِيفَةِ الْأَوَّلِ وَأَنَّ الثَّانِيَ
يُقْتَلُ فَاعْتَقَدَ هَذَا الْقَائِلُ هَذَا الْوَصْفَ فِي مُعَاوِيَةَ لِمُنَازَعَتِهِ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَتْ قَدْ
سَبَقَتْ بَيْعَةُ عَلِيٍّ فَرَأَى هَذَا أَنَّ نَفَقَةَ مُعَاوِيَةَ عَلَى أَجْنَادِهِ وَأَتْبَاعِهِ فِي حَرْبِ عَلِيٍّ وَمُنَازَعَتِهِ
وَمُقَاتَلَتِهِ إِيَّاهُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَمِنْ قَتْلِ النَّفْسِ لِأَنَّهُ قِتَالٌ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ
مَالًا فِي مُقَاتَلَتِهِ قَوْلُهُ (أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ) هَذَا فِيهِ دَلِيلٌ لِوُجُوبِ
طَاعَةِ الْمُتَوَلِّينَ لِلْإِمَامَةِ بِالْقَهْرِ مِنْ غَيْرِ إِجْمَاعٍ وَلَا عَهْدٍ .
وقال القاضي في المعلم: العَقْدُ
لإمامين في عصر واحد لا يجوز. وقد أشار بعض المتأخرين من أهل الأصول إلى أنَّ ديار
المسلمين إذا اتّسعت وتباعدت وكان بعض الأطراف لا يصل إليه خبر الإِمام ولا تدبيره
حتى يضطرّوا إلى إقامة إمام يدبّرهم فإن ذلك يسوغ لهم.
ومحمل هذا الحديث على
أنّ الثَّاني امتنع من العزلة ودعا إلى طاعته حتى صار ذلك سببا للفتنة وشقَّ العصا
فإنه يقاتل لينخلع وإن أدّى قتاله إلى قتله، ولو كان عقد لهما ولم يعلَم الأول لم
يستحق أحَدهما الاستبداد بالإمامة لجواز
أن يكون هو الثاني والعقد له باطل ويكون كمسألة المرأة زوَّجها وليَّاها من رَجلين
ولم يعلم الأوَّل منهما فإنه لا يثبت نكاح أحدهما إذا لم يقع دخول.
وقال بن الجوزي في المشكل إِذا
اسْتَقر أَمر الْخَلِيفَة وانعقد الْإِجْمَاع عَلَيْهِ فبويع لآخر بِنَوْع
تَأْوِيل كَانَ بَاغِيا، وَكَانَ أنصاره بغاة يُقَاتلُون قتال الْبُغَاة.
وَقَوله: (فَاقْتُلُوا الآخر مِنْهُمَا) لَيْسَ المُرَاد بِهِ أَن يقدم
فَيقْتل، وَإِنَّمَا المُرَاد قَاتلُوهُ، فَإِن آل
الْأَمر إِلَى قَتله جَازَ.
الْأَمر إِلَى قَتله جَازَ.
باب ما جاء في التحذير من منازعة الولاة وأن ذالك من
أسباب مفارقة الجماعة
-- عَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي أَبُو
الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ: لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ
شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ أَوْ حُرِّقْتَ، وَلَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَةً
مُتَعَمِّدًا فَمَنْ تَرَكَهَا عَمْدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَلَا
تَشْرَبِ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ، وَأَطِعْ وَالِدَيْكَ
وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ دُنْيَاكَ فَاخْرُجْ لَهُمَا، وَلَا
تُنَازِعْ وُلَاةَ الْأَمْرِ وَإِنْ رَأَيْتَ أَنَّكَ أَنْتَ،(أي رأيت أنك أفضل منهم) وَلَا تَفِرَّ مِنَ الزَّحْفِ وَإِنْ هَلَكْتَ وفر أصحابك ، وَأَنْفِقْ مِنْ طَوْلِكَ
عَلَى أَهْلِكَ، وَلَا تَرْفَعْ عَصَاكَ عَنْهُمْ وَأَخِفْهُمْ في الله عز و جل . أخرجه ابن ماجة (4034) و محمد بن نصر
المروزي في تعظيم قدر الصلاة 911 و حسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد (رقم 18) و في - «الإرواء» (2026)
-- وعَنْ مُعَاذِ بْنِ
جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ
عَلِّمْنِي عَمَلًا إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ بِهِ الْجَنَّةَ، قَالَ: «لَا
تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ حُرِقْتَ، وَأَطِعْ وَالِدَيْكَ وَإِنْ
أَخْرَجَاكَ مِنْ مَالِكَ، وَلَا تَشْرَبِ الْخَمْرَ، فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ
شَرٍّ، وَلَا تَتْرُكَنَّ صَلَاةً مُتَعَمِّدًا فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ
مُتَعَمِّدًا بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ، وَلَا تُنَازِعِ الْأَمْرَ
أَهْلَهُ وَإِنْ رَأَيْتَ أَنَّهُ لَكَ، وَأَنْفِقْ عَلَى أَهْلِكَ
مِنْ طَوْلِكَ، وَلَا تَرْفَعِ الْعَصَا عَنْهُمْ، وَأَخِفْهُمْ فِي اللَّهِ،
وَلَا تَغْلُلْ، وَلَا تَفِرَّ مِنَ الزَّحْفِ. مسند الشاميين للطبراني 2204 –6
-- وقالِ عُمَر َبن
الخطاب رضي الله عنه : مَنْ دَعَا إِلَى أَمْرِهِ مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ. السنة للخلال
فصل في النهي عن الخروج على الإمام الذي يقيم الصلاة
و إن كان فاسق
-- عَنْ
عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ،
وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ
الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ
وَيَلْعَنُونَكُمْ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟
فَقَالَ: لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ
وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا
مِنْ طَاعَةٍ. (صحيح مسلم 1855)
-- وعَنْ
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ تَطْمَئِنُّ إِلَيْهِمُ الْقُلُوبُ،
وَتَلِينُ لَهُمُ الْجُلُودُ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ تَشْمَئِزُّ
مِنْهُمُ الْقُلُوبُ، وَتَقْشَعِرُّ مِنْهُمُ الْجُلُودُ . فَقَالَ رَجُلٌ:
أَنُقَاتِلُهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: لَا مَا أَقَامُوا الصَّلَاةَ . والحديث أخرجه أحمد 3/28 و29
وأبو يعلى 1/356. و ابن أبي عاصم في "السنة والبيهقي في "الشعب"
وأورده الهيثمي في "المجمع"قال الشيخ الألباني في (ظلال الجنة في تخريج السنة) إسناده رجاله كلهم
ثقات غير الوليد صاحب البهي قال الهيثمي 5/218: ولم أعرفه.
-- وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّهُ
يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ كَرِهَ
فَقَدْ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفلَا نُقَاتِلُهُمْ قَالَ لا مَا صَلَّوْا لَكُمُ الْخَمْسَ . صحيح مسلم و أبو داود و الثرمدي و زيادة(لكم الخمس)
أخرجها أحمد 6/295و305 وأخرجها أبو يعلى أيضا 4/1661 و غيرهم.
-- وعن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَدِيّ قال بَيْنَمَا رسول الله صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانِي النَّاسِ، إِذْ
جَاءَهُ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُهُ أنْ يُسَارَّهُ، فَأَذِنَ لَهُ، فَسَارَّهُ فِي
قَتْلِ رَجلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، فَجَهَر رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
بِكَلامِهِ وَقَالَ: أَلَيْسَ يَشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلأ الله؟ . قَالَ: بَلَى
يَا رَسُولَ الله، وَلا شَهَادَةَ لَهُ. قَالَ: ألَيْسَ يصَلِّي؟ قَال: بَلَى يَا
رَسُولَ اللهِ، وَلَا صَلَاةَ لَهُ. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : أولَئِكَ الَّذِينَ
نُهِيتُ عَنْ قَتْلِهِمْ . صححه الشيخ الألباني في الثمر المستطاب وصحيح ابن حبان 5971
قَالَ
الحافظ ابن حجر فِي الفتح :
ونقل ابن التِّين، عن الدَّاوُدِيِّ، قَالَ: الَّذِي عَلَيْهِ العُلماء فِي
أُمَرَاء الْجَوْر، أَنَّهُ إنْ قَدَر عَلَى خلعه بِغيْرِ فِتْنة، ولا ظُلم
وَجَبَ، وإِلا فالْواجِب الصَّبر. وعَنْ بعضهم: لا يَجُوز عَقْد الوِلاية لِفاسِقٍ
ابتِداء، فإِنْ أحدثَ جورًا بَعْدَ أنْ كَانَ عَدْلا، فاختلفُوا فِي جواز الخُرُوج
عَليْهِ، والصَّحِيح المَنْع، إِلَّا أنْ يَكفُر، فيجِب الخُرُوج عَلَيْهِ.
وقَالَ محمد
بن علي الوَلَّوِي في شرح سنن النسائي المسمى ذخيرة العقبى في
شرح المجتبى: هَذَا القول الأخير المصحح عندي هو الحقّ، وحاصله أنه لا يجوز الخروج
عَلَى الأئمة بأي نوع منْ أنواع الفسق، والظلم، إلا بصريح الكفر، وأما ما عداه،
فإن امكن إزالته بغير خروج عليه، فذاك، وإلا فلا يجوز الخروج عليه، وهذا هو الذي
أوضحه النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم بقوله: "إلا أن تروا كفراً بواحًا، عندكم
منْ الله فيه برهان". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو
حسبنا، ونعم الوكيل.
وقال العلامة السفاريني الحنبلي وَيَثْبُتُ
نَصْبُهُ أَيْضًا بِـقَهْرِهِ النَّاسَ بِسَيْفِهِ حَتَّى يُذْعِنُوا لَهُ
وَيَدْعُوهُ إِمَامًا فَتَثْبُتُ لَهُ الْإِمَامَةُ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي رِوَايَةِ
عَبْدُوسِ بْنِ مَالِكٍ الْعَطَّارِ: وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى
صَارَ خَلِيفَةً وَسُمِّي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ
بِاللَّهِ يَبِيتُ وَلَا يَرَاهُ إِمَامًا بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا انْتَهَى.
لِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ خَرَجَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا -، فَقَتَلَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبِلَادِ وَأَهْلِهَا
حَتَّى بَايَعُوهُ طَوْعًا وَكَرْهًا وَدَعَوْهُ إِمَامًا، وَلِمَا فِي الْخُرُوجِ
عَلَيْهِ مِنْ شَقِّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ وَإِرَاقَةِ دِمَائِهِمْ وَذَهَابِ
أَمْوَالِهِمْ، فَإِنْ عُقِدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ،
فَإِنْ فَسَقَ الْإِمَامُ بَعْدَ الْعَدَالَةِ الْمُقَارَنَةِ لِلْعَدْلِ لَمْ
يَنْعَزِلْ عَلَى الْأَصَحِّ الْأَشْهَرِ، وَلَا تُشْتَرَطُ عِصْمَتُهُ فِي حَالٍ
مِنَ الْأَحْوَالِ، وَلَا كَوْنُهُ أَفْضَلَ الْأُمَّةِ، وَلَا كَوْنُهُ
هَاشِمِيًّا، أَوْ إِظْهَارُ مُعْجِزَةٍ عَلَى يَدِهِ يُعْلَمُ بِهِ صِدْقُهُ.
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة
المرضية
وقَالَ
الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : فَالْإِمَامُ الْعَادِلُ طَاعَتُهُ
وَاجِبَةٌ، ومُخَالَفَتُهُ حَرَامٌ، والثَّبَاتُ عَلَى عَهْدِهِ وَعَقْدِهِ
فَرْضٌ، وَأَمَّا الْجَائِرُ فَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْفِسْقَ لَا يُنَاقِضُ
الْإِمَامَةَ احْتَجَّ بِظَوَاهِرِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، وَقَالَ: إِنَّهَا
نَطَقَتْ بِإِيجَابِ الطَّاعَةِ لِلْعَادِلِ وَالْجَائِرِ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ
فِيهِ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْفِسْقَ يُنَاقِضُ الْإِمَامَةَ، قَالَ: إِنَّ
ذِكْرَ الْإِمَامِ الْجَائِرِ مُنْفَرِدًا عَنِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ لَيْسَ
إِلَّا أَنَّ الْجَائِرَ إِمَامٌ فِي صُورَةِ أَمْرِهِ، وَظَاهَرِ حَالِهِ دُونَ
إِثْبَاتِ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا بِالْإِطْلَاقِ كَالْعَادِلِ، وَعَرَفْنَا أَنَّ
مُفَارَقَتَهُ وَنَبْذَ طَاعَتِهِ - إِذَا كَانَتْ لَا تَكُونُ إِلَّا بِنَقْضِ
الْجَمَاعَةِ - وَجَبَتْ طَاعَتُهُ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
مُفَارَقَتَهُ إِذَا أَمْكَنَتْ بِغَيْرِ نَقْضِ الْجَمَاعَةِ وَجَبَتْ
مُفَارَقَتُهُ، وَمَعْنَى مُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّ الْجُمْهُورَ إِذَا
كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ فِسْقَهُ لَا يُنَاقِضُ إِمَامَتَهُ، وَكَانَ نَفَرٌ
يَسِيرٌ يَرَوْنَ أَنَّهُ يُنَاقِضُهَا فَهَؤُلَاءِ النَّفَرُ الْيَسِيرُ لَيْسَ
لَهُمْ أَنْ يَبُوحُوا بِمَا فِي نُفُوسِهِمْ؛ لِأَنَّ الْجُمْهُورَ
يُخَالِفُونَهُمْ وَيَرُدُّونَهُمْ عَنْ رَأْيِهِمْ، فَإِمَّا أَنْ تَقَعَ
الْفُرْقَةُ، وَإِمَّا أَنْ تُصِيبَهُمْ مِنَ الْإِمَامِ مَعَرَّةٌ اسْتِظْهَارًا
مِنْهُ بِالْجُمْهُورِ، فَيَكُونُوا قَدْ تَعَرَّضُوا مِنَ الْبَلَاءِ لِمَا لَا
يُطِيقُونَهُ، وَذَلِكَ مِمَّا قَدْ نُهُوا عَنْهُ، وَهَكَذَا إِنْ كَانَ أَهْلُ الرَّأْيِ
يَرَوْنَ أَنَّ الْفِسْقَ يُنَاقِضُ الْإِمَامَةَ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ
يُمْكِنْهُمْ أَنْ يُخَالِفُوهُ لِأَنَّ الْجُنْدَ قَدْ أَلِفُوهُ، فَإِنْ
أَظْهَرُوا لَهُمْ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الرَّأْيِ اضْطَرَبُوا وَمَاجُوا وَثَارَتِ
الْفِتْنَةُ، فَسَبِيلُهُمْ أَنْ يَسْكُتُوا أَوْ يَلْزَمُوا الْجَمَاعَةَ. ثُمَّ
بَسَطَ الْكَلَامَ فِي إِتْيَانِ الصَّلَوَاتِ وَإِقَامَتِهَا خَلْفَهُ - إِنْ
أَقَامَهَا - وَدَفْعِ الصَّدَقَاتِ إِلَيْهِ - إِنْ طَلَبَهَا - وَالتَّرَافُعِ
إِلَى مَنْ نَصَبَهُ قَاضِيًا، وَالْخُرُوجِ مَعَهُ فِي جِهَادِ الْكُفَّارِ،
وَإِنْ كَانَ فِي دَفْعِ وَاحِدٍ مِثْلِهِ قَصَدَ بِالْقِتَالِ تَوْهِينَ
الْمَدْفُوعِ، وَإِنْ كَانَ فِي دَفْعِ مَنْ قَصَدَهُ بِالْحَقِّ لِيُزِيلَهُ عَنْ
مَكَانِهِ أَعَانَ أَهْلَ الْحَقِّ إِلَّا أَنْ يَرَى فِيهِمْ ضَعْفًا فَيَحْتَالُ
فِي الْقُعُودِ إِنْ عُذِرَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْذَرْ فِيهِ خَرَجَ مَعَهُ
وَيَبْقَى الرَّمْيُ وَالضَّرْبُ وَالطَّعْنُ مَا أَطَاقَ .
وقال القاضي أبو
بكر بن العربي المالكي في
المسالِك في شرح مُوَطَّأ مالك وأمّا مبايعةُ الإمام وطاعته إذا لم يكن أهلاً
لذلك، وهل يُنَازَعُ، أو يخرج عليه أم لا؟ فمنهم من قال: يخرج عليه؛ لأنّ الّذي
لزمت فيه العهدة وانعقدت عليه البيعة ألاّ ينازع الأمر أهله، فأمّا أن يترك بِيَدِ
من ليس هو بأهلٍ لها، يظلمُ ويجورُ ويَعبثُ، فلا. وبهذا خرج الحسين بن عليّ رضي
الله، عنه، وعبد الله بن الزُّبَيْر على يزيد، وخرج القُرَّاءُ على الحجَّاج.
ورأى بعضهم
الصّبر عليه والسّكون تحت قضاء الله، حتّى يحكمَ اللَّهُ بالحقّ. وبهذا أخذ عبد
الله بن عمر في ولاية يزيد، وقال: إن كان خيرًا رضينا، وإن كان جائرًا صبرنا (3).
وقَال
القُرَّاءُ للحسن بن أبي الحسن البصري حين خرجوا على الحجّاج: كن معنا:
قال لهم
الحسن: الحجّاجُ عقوبةُ اللَّهِ في أرضه، وعقوبةُ اللهِ لا تُقابَلُ بالسّيف،
إنّما تُقابَلُ بالصّبر على الظُّلم والجور، وهو خيرٌ من سَفْكِ الدِّماء ونهب
الأموال، فيما لا يتحصل فيه الآن من هذين المعنيين حسن العاقبة والعافية. فاقتضى
من قوله الصّبر على جورهم، كقوله للأنصار: "سَتَرَوْنَ بعدي أَثَرَةً،
فاصبرُوا حتى تَلْقَوْنِي" (1) فلمّا خالفوا ذلك أوّل مرّة ابتلوا بيوم الحَرَّة.
وقال الطيبي في الكاشف عن حقائق السنن وأجمع أهل السنة
علي أن السلطان لا ينعزل بالفسق؛ لتهيج الفتن في عزله وإراقة الدماء وتفرق ذات
البين، فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه، ولا تنعقد إمامة الفاسق ابتداء.
وأجمعوا علي أن الإمامة لا تنعقد لكافر ولو طرأ عليه الكفر انعزل، وكذا لو ترك
إقامة الصلوات والدعاء إليها، وكذا البدعة.
قال القاضي:
فلو طرأ عليه كفر وتغيير في الشرع أو بدعة سقطت طاعته، ووجب علي المسلمين خلعه
ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك. ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه، وإلا
فيهاجر المسلم عن أرضه إلي غيرها ويفر بدينه.
وقال بن عبد
البر في
الاستذكار وَأَمَّا قَوْلُهُ أَلَّا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ فَقَدِ
اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الْقَائِلُونَ مِنْهُمْ أَهْلُهُ أَهْلُ
الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَالْفَضْلِ وَالدِّينِ مَعَ الْقُوَّةِ عَلَى
الْقِيَامِ بِذَلِكَ فَهَؤُلَاءِ لَا يُنَازَعُونَ لِأَنَّهُمْ أَهْلُهُ وَأَمَّا
أَهْلُ الْجَوْرِ وَالْفِسْقِ وَالظُّلْمِ فَلَيْسُوا بِأَهْلٍ لَهُ
وَاحْتَجُّوا
بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِإِبْرَاهِيمَ (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ
إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدَيِ الظَّالِمِينَ)
الْبَقَرَةِ 124
ذَهَبَ
إِلَى هَذَا طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَاتَّبَعَهُمْ بِذَلِكَ خَلَفٌ
مِنَ الْفُضَلَاءِ وَالْقُرَّاءِ وَالْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
وَالْعِرَاقِ
وَبِهَذَا
خرج بن الزُّبَيْرِ وَالْحُسَيْنُ عَلَى يَزِيدَ وَخَرَجَ خِيَارُ أَهْلِ العراق
وعلمائهم عَلَى الْحَجَّاجِ وَلِهَذَا أَخْرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَنِي
أُمَيَّةَ عَنْهُمْ وَقَامُوا عَلَيْهِمْ فَكَانَتِ الْحَرَّةُ
وَبِهَذِهِ
اللَّفْظَةِ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا فِي مَعْنَاهَا مَذْهَبٌ تَعَلَّقَتْ بِهِ
طَائِفَةٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةِ الْخَوَارِجِ
وَأَمَّا
جَمَاعَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَئِمَّتُهُمْ فَقَالُوا هَذَا هُوَ الِاخْتِيَارُ
أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ فَاضِلًا عَالِمًا عَدْلًا مُحْسِنًا قَوِيًّا عَلَى
الْقِيَامِ كَمَا يَلْزَمُهُ فِي الْإِمَامَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالصَّبْرُ
عَلَى طَاعَةِ الْإِمَامِ الْجَائِرِ أَولَى مِنَ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي
مُنَازَعَتِهِ وَالْخُرُوجِ عَلَيْهِ اسْتِبْدَالَ الْأَمْنِ بِالْخَوْفِ وَإِرَاقَةَ
الدِّمَاءِ وَانْطِلَاقَ أَيْدِي الدَّهْمَاءِ وَتَبْيِيتَ الْغَارَاتِ عَلَى
الْمُسْلِمِينَ وَالْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ وَهَذَا أَعْظَمُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى
جَوْرِ الجائر.
وَقَدْ
ذَكَرْنَا فِي ((التَّمْهِيدِ)) آثَارًا كَثِيرَةً تَشْهَدُ لِهَذَا الْمَعْنَى
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
قال بن بطال وقال أبو بكر بن الطيب: أجمعت الأمة أنه يوجب خلع الإمام وسقوط
فرض طاعته كفره بعد الإيمان، وتركه إقامة الصلاة والدعاء إليها، واختلفوا إذا كان
فاسقًا ظالمًا غاصبًا للأموال؛ يضرب الأبشار ويتناول النفوس المحرمة ويضيع الحدود
ويعطل الحقوق فقال كثير من الناس: يجب خلعه لذلك. وقال الجمهور من الأمة وأهل
الحديث: لا يخلع بهذه الأمور، ولا يجب الخروج عليه؛ بل يجب وعظه وتخويفه وترك
طاعته فيما دعو إليه من معاصى الله، واحتجوا بقوله (صلى الله عليه وسلم) :
(اسمعوا، وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشى) وأمره بالصلاة وراء كل بر وفاجر،
وروى أنه قال: أطعهم وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك ما أقاموا الصلاة) .
قال القاضى أبو بكر: ومما يوجب خلع الإمام تطابق الجنون عليه
وذهاب تمييزه حتى ييئس من صحته، وكذلك إن صم أو خرس وكبر وهرم، أو عرض له أمر
يقطعه من مصالح الأمة؛ لأنه إنما نصب لذلك؛ فإذا عطل ذلك وجب خلعه، وكذلك إن جعل
مأسورًا فى أيدى العدو إلى مدة يخاف معها الضرر الداخل على الأمة وييئس من خلاصه
وجب الاستبدال به. فإن فك أسره وثاب عقله أو برئ من زمانته ومرضه لم يعد إلى أمره
وكان رعية للأول؛ لأنه عقد له عند خلعه وخروجه من الحق فلا حق له فيه، ولا يوجب
خلعه حدوث فضل في غيره كما يقول أصحابنا: إن حدوث الفسق فى الإمام بعد العقد لا
يوجب خلعه، ولو حدث عند ابتداء العقد لبطل العقد له ووجب العدول عنه. وأمثال هذا
فى الشريعة كثير . الكتاب: شرح
صحيح البخارى لابن بطال (المتوفى: 449هـ)
باب ما جاء في ذكر صفات الخوارج وعقوبتهم
-- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَعَثَ
عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَرْبَعَةِ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ
الحَنْظَلِيِّ، ثُمَّ المُجَاشِعِيِّ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الفَزَارِيِّ،
وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلاَثَةَ
العَامِرِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلاَبٍ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ، وَالأَنْصَارُ،
قَالُوا: يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا، قَالَ: «إِنَّمَا
أَتَأَلَّفُهُمْ». فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ
الوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ الجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ، فَقَالَ: اتَّقِ
اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: «مَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ؟
أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَلاَ تَأْمَنُونِي» فَسَأَلَهُ
رَجُلٌ قَتْلَهُ، - أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ - فَمَنَعَهُ، فَلَمَّا
وَلَّى قَالَ: " إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا، أَوْ: فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا
يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ
مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ
أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ
". متفق عليه
-- وقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَأَنْ أَخِرَّ مِنَ
السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ
فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، فَإِنَّ الحَرْبَ خَدْعَةٌ، سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ
قَوْمٌ، حُدَثَاءُ [ص:201] الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ
خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ
السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا
لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ
يَوْمَ القِيَامَةِ» .متفق عليه
-- وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، يَقُولُ: بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص:164] مِنَ
اليَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ، لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا،
قَالَ: فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ، بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ،
وَأَقْرَعَ بْنِ حابِسٍ، وَزَيْدِ الخَيْلِ، وَالرَّابِعُ: إِمَّا عَلْقَمَةُ
وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كُنَّا
نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلاَءِ، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي
السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً»، قَالَ: فَقَامَ
رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ، نَاشِزُ الجَبْهَةِ، كَثُّ
اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، مُشَمَّرُ الإِزَارِ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
اتَّقِ اللَّهَ، قَالَ: «وَيْلَكَ، أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ
يَتَّقِيَ اللَّهَ» قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ، قَالَ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَالَ: «لاَ، لَعَلَّهُ أَنْ
يَكُونَ يُصَلِّي» فَقَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا
لَيْسَ فِي قَلْبِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلاَ أَشُقَّ
بُطُونَهُمْ» قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَفٍّ، فَقَالَ: «إِنَّهُ
يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا، لاَ
يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ
مِنَ الرَّمِيَّةِ»، وَأَظُنُّهُ قَالَ: «لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ
قَتْلَ ثَمُودَ» . متفق عليه
-- وعن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالجعرانة وهو يقسم التبر والغنائم وهو في حجر بلال فقال رجل اعدل يا محمد فإنك لم
تعدل فقال ويلك ومن يعدل بعدي إذا لم أعدل فقال عمر دعني يا رسول الله حتى أضرب عنق
هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا في أصحاب أو أصيحاب له
يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. صحيح وضعيف سنن ابن ماجة تحقيق الألباني:صحيح الظلال (943)
-- وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ بَعْدِي مِنْ
أُمَّتِي - أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي - قَوْمٌ يَقْرَءُونَ
الْقُرْآنَ، لَا يُجَاوِزُ حَلَاقِيمَهُمْ، يَخْرُجُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا
يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ، هُمْ شَرُّ
الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ» . صحيح مسلم
-- وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي
اخْتِلَافٌ وَفُرْقَةٌ، قَوْمٌ يُحْسِنُونَ الْقِيلَ وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ،
يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ
مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَا يَرْجِعُونَ حَتَّى يَرْتَدَّ عَلَى
فُوقِهِ، هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ، طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ
وَقَتَلُوهُ، يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَلَيْسُوا مِنْهُ فِي شَيْءٍ، مَنْ
قَاتَلَهُمْ كَانَ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْهُمْ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا
سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: التَّحْلِيقُ. صحيح سنن أبي داود
-- وعن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج
في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول الناس يقرءون
القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام وفي رواية (الدين)= كما يمرق السهم من الرمية فمن لقيهم فليقتلهم
فإن قتلهم أجر عند الله لمن قتلهم. صحيح وضعيف سنن ابن
ماجة تحقيق الألباني:صحيح الظلال (914) ، الروض النضير (684) صحيح وضعيف سنن الترمذي الألباني
حسن صحيح، ابن ماجة (168)
-- وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقرأن القرآن
ناس من أمتي يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية. صحيح وضعيف سنن ابن ماجة تحقيق الألباني: صحيح، الصحيحة (2201)
-- وعنأبي بكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"سَيَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي نَاسٌ ذَلِقَةٌ
أَلْسِنَتُهُمْ بِالْقُرْآنِ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ
فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّهُ يؤجر قاتلهم".8 إسناده صحيح على شرط
مسلم. والحديث أخرجه أحمد 5/36: ثنا وكيع به.وله طريقان آخران عن أبي بكرة فانظر الذي
قبله وطريق آخر عن عثمان الشحام وهو الآتي بعده. كتاب السنة ومعه ظلال الجنة في
تخريج السنة.
-- وعَنْ أَبِي زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ أَنّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ
وَلَيْسُوا مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ فَمَنْ قَاتَلَهُمْ كَانَ أَوْلَى بالله منهم. حديث صحيح ورجاله ثقات غير سعيد وهو ابن بشير على ما ترجح لدي فيما سبق
قريبا كتاب السنة (ومعه ظلال الجنة في تخريج السنة. 941-
-- وعن ابن أبي أوفى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخوارج
كلاب النار. صحيح وضعيف سنن ابن ماجة تحقيق الألباني: صحيح، الروض النضير (906، 908) ،
المشكاة (3554) ، الظلال (904)
-- وعن أبي سلمة قال قلت لأبي سعيد الخدري هل سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يذكر في الحرورية شيئا فقال سمعته يذكر قوما يتعبدون يحقر أحدكم
صلاته مع صلاتهم وصومه مع صومهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية أخذ
سهمه فنظر في نصله فلم ير شيئا فنظر في رصافه فلم ير شيئا فنظر في قدحه فلم ير
شيئا فنظر في القذذ فتمارى هل يرى شيئا أم لا. صحيح وضعيف سنن ابن ماجة تحقيق الألباني: صحيح الظلال (923) ، الإرواء
(2470)
-- وعن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج قوم
في آخر الزمان أو في هذه الأمة يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم أو حلوقهم سيماهم
التحليق إذا رأيتموهم أو إذا لقيتموهم فاقتلوهم. صحيح وضعيف سنن ابن
ماجة تحقيق الألباني:صحيح الظلال (940 و 945) ، المشكاة (3543)
-- وعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ قَالَ: سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ، وَالتَّسْبِيدُ، فَإِذَا
رَأَيْتُمُوهُمْ فَأَنِيمُوهُمْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: التَّسْبِيدُ: اسْتِئْصَالُ
الشَّعْرِ . صحيح سنن أبي داود
-- وعن أنس قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن فيكم قوما يتعبدون حتى يعجبوا الناس، ويعجبهم أنفسهم، يمرقون من الدين
كما يمرق السهم من الرمية .
-- وقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ أَبِي
أَوْفَى وَهُوَ مَحْجُوبُ الْبَصَرِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ
السَّلامَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أنا سَعِيدُ بْنُ جهمان فَقَالَ: مَا
فَعَلَ وَالِدُكَ؟ فَقُلْتُ: قَتَلَتْهُ الأَزَارِقَةُ. قَالَ: قَتَلَ اللَّهُ
الأَزَارِقَةَ كُلَّهَا ثُمَّ قَالَ: ثنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: أَلا إِنَّهُمْ كِلابُ أَهْلِ النَّارِ قَالَ: قُلْتُ: الأَزَارِقَةُ
كُلُّهَا أَوِ الْخَوَارِجُ قَالَ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا. صحيح وضعيف سنن ابن ماجة تحقيق الألباني:حسن، المشكاة (3554)
-- وعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَتِيهُ
قَوْمٌ من قبل المشرق محلقة رؤوسهم . إسناده حسن
الظلال 905-10
-- قَالَ أَبُو غَالِبٍ: بَيْنَا أَنَا بِدِمَشْقَ إِذْ جِيءَ
بِسَبْعِينَ رَأْسًا مِنْ رُءُوسِ الْخَوَارِجِ، فَنُصِبَتْ عَلَى دَرَجِ
دِمَشْقَ، وَجَاءَ أَبُو أُمَامَةَ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّى مَا بَدَا لَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ بَكَى،
ثُمَّ قَالَ: «كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ» ، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ
الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ
الْكِتَابِ، وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ، فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ
فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} [آل عمران: 7] ، ثُمَّ قَرَأَ: {يَوْمَ
تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ، فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ
وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا
كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [آل عمران: 106] فَهُمْ هَؤُلَاءِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا
أُمَامَةَ، هَذَا شَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، أَمْ شَيْئًا تَقُولُهُ بِرَأْيِكَ؟ قَالَ: «إِنِّي إِذًا لَجَرِيءٌ
سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ،
وَلَا مَرَّتَيْنِ، وَلَا ثَلَاثٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعٍ» 11 إسناده صحيح على شرط الشيخين أيضا وقد أخرجاه كما ذكرنا آنفا الظلال909-
المعجم الكبير الطبراني8037 –
-- وعن أبي غالب عن أبي أمامة يقول شر قتلى قتلوا تحت أديم السماء
وخير قتيل من قتلوا كلاب أهل النار قد كان هؤلاء مسلمين فصاروا كفارا قلت يا أبا
أمامة هذا شيء تقوله قال بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. سلسلة الأحاديث الصحيحة 1895
-- وعن ابن عمر قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ينشأ نشء يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم،
كلما خرج قرن قطع حتى يخرج في أعراضهم الدجال.
السلسلة الصحيحة "2455 .قوله: (في أعراضهم) : جمع عرض بفتح وسكون، بمعنى الجيش العظيم وهومستعار من العرض بمعنى ناحية الجبل، أو بمعنى السحاب الذي يسد الأفق. قاله السندي.
السلسلة الصحيحة "2455 .قوله: (في أعراضهم) : جمع عرض بفتح وسكون، بمعنى الجيش العظيم وهومستعار من العرض بمعنى ناحية الجبل، أو بمعنى السحاب الذي يسد الأفق. قاله السندي.
وفي رواية قال سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول كلما خرج قرن قطع أكثر من عشرين مرة حتى يخرج في
عراضهم الدجال .13 صحيح وضعيف سنن ابن ماجة174
-- وسئل مُسْلِمُ بْنُ
أَبِي بَكَرَةَ، هَلْ سَمِعْتَ فِي الْخَوَارِجِ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ:
سَمِعْتُ وَالِدِي أَبَا بَكْرَةَ، يَقُولُ: عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَا إِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ
أَشِدَّاءُ أَحِدَّاءُ، ذَلِقَةٌ أَلْسِنَتُهُمْ بِالْقُرْآنِ، لَا يُجَاوِزُ
تَرَاقِيَهُمْ، أَلَا فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَأَنِيمُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا
رَأَيْتُمُوهُمْ فَأَنِيمُوهُمْ، فَالْمَأْجُورُ قَاتِلُهُمْ . ظلال الجنة في تخريج السنة
الألباني - 937 إسناده صحيح على شرط مسلم. أخرجه أحمد 20446 -
-- وعَنْ أَبِي سَلَمَةَ
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أنهما أتيا أبا سعيد الخدري
فسألاه في الحرورية فقال: أجل سمعت رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْحَرُورِيَّةَ وَمَا أَدْرِي مَا الْحَرُورِيَّةُ وَلَكِنِّي
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
"يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا قَوْمٌ تَحْقِرُونَ
صلاتكم مع صلاتهم يقرؤون الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ أَوْ حَنَاجِرَهُمْ
يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ يَنْظُرُ
الرَّامِي إِلَى سَهْمِهِ ثُمَّ إِلَى نَصْلِهِ ثُمَّ إِلَى رِصَافِهِ فَيَنْظُرُ
وَيَتَمَارَى فِي الْفُوقِ هَلْ عَلِقَ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الدَّمِ أَمْ لا. ظلال الجنة في تخريج السنة
الألباني -935
-- وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ في أمتي
قوما يقرؤون الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ فَإِذَا خَرَجُوا
فَاقْتُلُوهُمْ فَإِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ .ظلال الجنة في تخريج السنة
الألباني – 936 إسناده جيد
-- وعَنْ مِقْسَمٍ أَبِي
الْقَاسِمِ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحارث ابن نَوْفَلٍ قَالَ: خَرَجْتُ
أَنَا وتَلِيدُ بْنُ كِلابٍ اللَّيْثِيُّ حَتَّى أَتَيْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عَمْرٍو وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ مُعَلِّقًا نَعْلَيْهِ بِيَدِهِ فَقُلْنَا
لَهُ هَلْ حَضَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ
كَلَّمَهُ التَّمِيمِيُّ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ
بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ فَوَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
وَهُوَ يُعْطِي النَّاسَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ قَدْ رَأَيْتُ مَا صَنَعْتَ في هذا
ليوم. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَجَلْ
فَكَيْفَ رَأَيْتَ" قَالَ لَمْ أَرَكَ عَدَلْتَ. قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "وَيْحَكَ إِذَا لَمْ
يَكُنِ الْعَدْلُ عِنْدِي فَعِنْدَ مَنْ يَكُونُ؟ "!. فَقَالَ عُمَرُ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ أَفَلا نَقْتُلُهُ؟ قَالَ: "لا دَعُوهُ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ
لَهُ شِيعَةٌ يَتَعَمَّقُونَ فِي الدِّينِ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهُ كَمَا
يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ يَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلا يَجِدُ شَيْئًا
ثُمَّ يَنْظُرُ في القدح فلا يوجد شييء سبق الفرث والدم. ظلال الجنة في تخريج السنة
الألباني - 930إسناده جيد وقال الهيثمي
6/228: رواه أحمد والطبراني باختصار ورجال أحمد ثقات.
-- وعن زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ
أَنَّهُ كَانَ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَ عَلِيٍّ الَّذِينَ سَارُوا
إِلَى الْخَوَارِجِ فَقَالَ عَلِيٌّ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ أمتي قوم يقرؤون
الْقُرْآنَ لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءٍ وَلا صَلَوَاتُكُمْ
إِلَى صَلَوَاتِهِمْ بِشَيْءٍ وَلا صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ بشيء يقرؤون
الْقُرْآنَ يَرَوْنَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ
يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ" لَوْ
يَعْلَمُ الْجَيْشُ الَّذِينَ يصيبون مالهم عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى
اللَّهُ عليه وسلم لا نكلوا على الْعَمَلِ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنْ فِيهِمْ رَجُلا
لَهُ عَضُدٌ لَيْسَ لَهُ ذِرَاعٌ عَلَى عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الْمَرْأَةِ
عَلَى رَأْسِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ. فَتَذْهَبُونَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَأَهْلِ
الشَّامِ وَتَتْرُكُونَ هَؤُلاءِ يَخْلُفُونَكُمْ فِي أَمْوَالِكُمْ
وَذَرَارِيِّكُمْ وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونُوا هَؤُلاءَ الْقَوْمَ
فَإِنَّهُمْ قَدْ سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ وَأَغَارُوا عَلَى سَرْحِ النَّاسِ
فَسِيرُوا بِسْمِ اللَّهِ قَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ فَنَزَّلَنِي زَيْدٌ
مَنْزِلا مَنْزِلا حَتَّى مَرَرْنَا عَلَى قَنْطَرَةٍ وَلَقِيَنَا الْخَوَارِجَ
فَلَقِيَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَقَالَ: أَلْقُوا الرِّمَاحَ وَسُلُّوا
السُّيُوفَ فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يُنَاشِدُوكُمْ كَمَا نَاشَدَكُمْ يَوْمَ
حَرُورَاءَ فَرَجَعُوا وَسَلُّوا السُّيُوفَ وَشَجَرَهُمُ النَّاسُ بِرِمَاحِهِمْ
حَتَّى قُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ قَالَ وَلَمْ يُصَبْ يَوْمَئِذٍ مِنَ
النَّاسِ إِلا رَجُلانِ قَالَ: فَقَالَ عَلِيٌّ: اطْلُبُوا الْمُخْدَجَ
فَطَلَبُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَقَامَ عَلِيٌّ بِنَفْسِهِ حَتَّى أَتَى قَوْمًا قُتِلَ
بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ: أخرجوهم فَوَجَدُوهُ مِمَّا يَلِي الأَرْضَ
فَكَبَّرَ وَقَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. فَقَامَ إِلَيْهِ عُبَيْدَةُ
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آللَّهِ لَسَمِعْتَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِي وَالَّذِي لا
إِلَهَ إِلا هُوَ. قَالَ فَاسْتَحْلَفَهُ ثَلاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَحْلِفُ له. ظلال الجنة في تخريج السنة
الألباني - 917 إسناده صحيح رجاله كلهم
ثقات رجال مسلم غير أحمد بن الفرات وهو ثقة حافظ وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه
مسلم 3/114-115. وقال أبو داود 4768.
-- وعَنْ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ ـ مَوْلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حَدَّثَهُ: أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ
لَمَّا خَرَجَتْ وَهُوَ مَعَ عَلِيٍّ فَقَالُوا: لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ
فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُريدَ بِهَا بَاطِلٌ
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ أُنَاسًا إِنِّي لَأَعْرِفُ وَصْفَهُمْ
فِي هَؤُلَاءِ:(يَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يَجُوزُ هَذَا مِنْهُمْ
- وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ - مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ فِيهِمْ
أسودُ إِحْدَى يديهِ حلمةُ ثَدْيٍ) فَلَمَّا قَتَلَهُمْ عليٌّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ: انظُروا فَنَظَرُوا فَلَمْ يجدوا فقال: ارجعوا فو الله مَا كَذَبْتُ
وَلَا كُذِبْتُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ وَجَدُوهُ فِي خَرِبَةٍ فَأَتَوْا
بِهِ حَتَّى وَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: وَأَنَا حَاضِرٌ
ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ وَقَوْلِ عليٍّ فِيهِمْ. التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان وتمييز سقيمه من صحيحه، وشاذه
من محفوظه... صحيح: م (3/ 112 _ 113).
-- وعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ
بْنِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ هَاجَتْ وَهُوَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ
أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا: لا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ. فَقَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةُ
حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ. إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: وصف ناسا وأشار إلى خلقه مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ فِيهِمْ
أَسْوَدُ إِحْدَى يَدَيْهِ طُبْيُ1 شَاةٍ أَوْ حَلَمَةُ ثَدْيٍ. قَالَ عُبَيْدُ
اللَّهِ: وَأَنَا حَاضِرٌ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِمْ وَقَوْلَ عَلِيٍّ فِيهِمْ. ظلال الجنة في تخريج السنة
الألباني - 928إسناده صحيح على شرط البخاري غير أبي حاتم وهو الرازي الإمام الثقة
الحافظ. والحديث أخرجه مسلم 3/116 والنسائي ص44 من طرق آخرى عن ابن وهب به
-- وعَبْدُ اللهِ بْنُ
عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا خَرَجَتِ الْحَرُورِيَّةُ اعْتَزَلُوا فِي دَارٍ،
وَكَانُوا سِتَّةَ آلَافٍ» فَقُلْتُ لِعَلِيٍّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
«أَبْرِدْ بِالصَّلَاةِ، لَعَلِّي أُكَلِّمُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ» قَالَ: «إِنِّي
أَخَافُهُمْ عَلَيْكَ» قُلْتُ: كَلَّا، فَلَبِسْتُ، وَتَرَجَّلْتُ، وَدَخَلْتُ عَلَيْهِمْ
فِي دَارِ نِصْفِ النَّهَارِ، وَهُمْ يَأْكُلُونَ فَقَالُوا: «مَرْحَبًا بِكَ يَا
ابْنَ عَبَّاسٍ، فَمَا جَاءَ بِكَ؟» قُلْتُ لَهُمْ: أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ
أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرِينَ،
وَالْأَنْصَارِ، وَمِنْ عِنْدِ ابْنِ عَمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَصِهْرِهِ، وَعَلَيْهِمْ نُزِّلَ الْقُرْآنُ، فَهُمْ أَعْلَمُ
بِتَأْوِيلِهِ مِنْكُمْ، وَلَيْسَ فِيكُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، لَأُبَلِّغَكُمْ مَا
يَقُولُونَ، وَأُبَلِّغَهُمْ مَا تَقُولُونَ، فَانتَحَى لِي نَفَرٌ مِنْهُمْ
قُلْتُ: هَاتُوا مَا نَقِمْتُمْ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنِ عَمِّهِ قَالُوا: «ثَلَاثٌ» قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَ:
«أَمَّا إِحْدَاهُنَّ، فَإِنَّهُ حُكْمُ الرِّجَالِ فِي أَمْرِ اللهِ» وَقَالَ
اللهُ: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: 57] مَا شَأْنُ الرِّجَالِ
وَالْحُكْمِ؟ قُلْتُ: هَذِهِ وَاحِدَةٌ قالوا: وَأَمَّا الثَّانِيَةُ، فَإِنَّهُ
قَاتَلَ، وَلَمْ يَسْبِ، وَلَمْ يَغْنَمْ، إِنْ كَانُوا كُفَّارًا لَقَدْ حَلَّ
سِبَاهُمْ، وَلَئِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ مَا حَلَّ سِبَاهُمْ وَلَا قِتَالُهُمْ
قُلْتُ: هَذِهِ ثِنْتَانِ، فَمَا الثَّالِثَةُ؟ " وَذَكَرَ كَلِمَةً
مَعْنَاهَا قَالُوا: مَحَى نَفْسَهُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ
يَكُنْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَهُوَ أَمِيرُ الْكَافِرِينَ " قُلْتُ: هَلْ
عِنْدَكُمْ شَيْءٌ غَيْرُ هَذَا؟ قَالُوا: «حَسْبُنَا هَذَا» قُلْتُ: لَهُمْ
أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ قَرَأْتُ عَلَيْكُمْ مِنْ كِتَابِ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ
وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ مَا يَرُدُّ قَوْلَكُمْ أَتَرْجِعُونَ؟ قَالُوا: «نَعَمْ»
قُلْتُ: أَمَّا قَوْلُكُمْ: «حُكْمُ الرِّجَالِ فِي أَمْرِ اللهِ، فَإِنِّي
أَقْرَأُ عَلَيْكُمْ فِي كِتَابِ اللهِ أَنْ قَدْ صَيَّرَ اللهُ حُكْمَهُ إِلَى
الرِّجَالِ فِي ثَمَنِ رُبْعِ دِرْهَمٍ ، فَأَمَرَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
أَنْ يَحْكُمُوا فِيهِ» أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ، وَأَنْتُمْ حُرُمٌ، وَمَنْ
قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ
يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] وَكَانَ مِنْ حُكْمِ اللهِ
أَنَّهُ صَيَّرَهُ إِلَى الرِّجَالِ يَحْكُمُونَ فِيهِ، وَلَوْ شَاءَ لحكم فِيهِ،
فَجَازَ مِنْ حُكْمِ الرِّجَالِ، أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ أَحُكْمُ الرِّجَالِ فِي
صَلَاحِ ذَاتِ الْبَيِّنِ، وَحَقْنِ دِمَائِهِمْ أَفْضَلُ أَوْ فِي أَرْنَبٍ؟
قَالُوا: بَلَى، هَذَا أَفْضَلُ وَفِي الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا: {وَإِنْ خِفْتُمْ
شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا}
[النساء: 35] فَنَشَدْتُكُمْ بِاللهِ حُكْمَ الرِّجَالِ فِي صَلَاحِ ذَاتِ
بَيْنِهِمْ، وَحَقْنِ دِمَائِهِمْ أَفْضَلُ مِنْ حُكْمِهِمْ فِي بُضْعِ امْرَأَةٍ؟
خَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ " قَالُوا: نَعَمْ قُلْتُ: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ
قَاتَلَ وَلَمْ يَسْبِ، وَلَمْ يَغْنَمْ، أَفَتَسْبُونَ أُمَّكُمْ عَائِشَةَ،
تَسْتَحِلُّونَ مِنْهَا مَا تَسْتَحِلُّونَ مِنْ غَيْرِهَا وَهِيَ أُمُّكُمْ؟
فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْهَا مَا نَسْتَحِلُّ مِنْ غَيْرِهَا
فَقَدْ كَفَرْتُمْ، وَإِنْ قُلْتُمْ: لَيْسَتْ بِأُمِّنَا فَقَدْ كَفَرْتُمْ:
{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ
أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] فَأَنْتُمْ بَيْنَ ضَلَالَتَيْنِ، فَأْتُوا مِنْهَا
بِمَخْرَجٍ، أَفَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ، وَأَمَّا مَحْيُ نَفْسِهِ
مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَنَا آتِيكُمْ بِمَا تَرْضَوْنَ. إن نَبِيَّ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ صَالَحَ الْمُشْرِكِينَ
فَقَالَ لِعَلِيٍّ: «اكْتُبْ يَا عَلِيُّ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ
رَسُولَ اللهِ» قَالُوا: لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا قَاتَلْنَاكَ
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «امْحُ يَا عَلِيُّ
اللهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ، امْحُ يَا عَلِيُّ، وَاكْتُبْ
هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ» وَاللهِ لَرَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ، وَقَدْ مَحَى نَفْسَهُ،
وَلَمْ يَكُنْ مَحْوُهُ نَفْسَهُ ذَلِكَ مَحَاهُ مِنَ النُّبُوَّةِ، أَخْرَجْتُ
مِنْ هَذِهِ؟ " قَالُوا: «نَعَمْ، فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَلْفَانِ، وَخَرَجَ
سَائِرُهُمْ، فَقُتِلُوا عَلَى ضَلَالَتِهِمْ، فَقَتَلَهُمُ الْمُهَاجِرُونَ
وَالْأَنْصَارُ».الكتاب: السنن الكبرى8522 - النسائي
(المتوفى: 303هـ)
-- وذكر أبو حيان التوحيدي في كتابه "البصائر والذخائر" في الجزء الأول ص 156، قال "أتى
رجل من الخوارج إلى الحسن البصري، فقال له: ما تقول في الخوارج؟ قال الحسن: هم أصحاب
دنيا، قال: ومن أين قلت أنهم أصحاب، والواحد منهم يمشي بين الرماح حتى تتكسر فيه، ويخرج
من أهله وولده، قال الحسن: حدثني عن السلطان! هل منعك من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة
والحج والعمرة! قال: فأراه إنما منعك الدنيا فقاتلته عليها.